لوبوان: القنبلة الذرية.. 10 أزمات كادت تقود إلى نهاية العالم
منذ عام 1945 الذي شهد انفجار القنبلتين الذريتين الأميركيتين فوق مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، والعالم لم يتوقف عن الرقص على وقع مخاطر السلاح النووي، وبعد كل أزمة بين دولتين نوويتين يكون العالم قد أوشك على نهايته.
في هذا السياق، تستعرض مجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية آخر كتاب للمؤرخ جان مارك لوباج، بعنوان “القنبلة الذرية.. من هيروشيما إلى ترامب”، الذي يسرد فيه 10 أزمات كادت أن تقود إلى نهاية العالم، مشيرا إلى أن مثل هذا الخطر لا يزال غير مستبعد.
ويبدأ عرض جان غيسنيل الصحفي في لوبوان للكتاب من الأزمة الأخيرة عام 2018 بين قوتين نوويتين، هما: الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب، وكوريا الشمالية بزعامة كيم جونغ أون، وقد تسببت بالكثير من القلق، ولكن ليس إلى درجة ترجيح أن يضغط أحد الحمقى على زر نهاية العالم.
وميزة عمل لوباج -بحسب غيسنيل- هي استقصاؤه لعدد كبير من الأزمات التي أوشك فيها العالم أن يجرّب الآثار المدمرة للفطر النووي، منذ عام 1945 وبداية ظهور الأسلحة النووية في تاريخ العالم، فاستعرض 10 حالات، من بينها اثنتان تتعلقان مباشرة بفرنسا.
فرنسا في حلبة الرقص
تعود المرة الأولى التي فكرت فيها فرنسا في اللجوء إلى الأسلحة النووية التي لم تكن تمتلكها حينئذ إلى عام 1954، عندما حوصرت قواتها في ديان بيان فو في فيتنام، في عملية أبيدت فيها من قبل قوات الفيتكونغ بقيادة الجنرال جياب.
ويروي لوباج في كتابه حوارا لا يمكن تصوره جرى يوم 22 أبريل/نيسان من ذلك العام بين وزير الخارجية الفرنسي جورج بيدو، بعد إبلاغه بالوضع اليائس في ديان بيان فو، ونظيره الأميركي جون فوستر دالاس الذي قال للوزير الفرنسي -أستاذ اللغة الإنجليزية السابق- “ماذا لو أعطيتك اثنتين؟ اثنتان من ماذا؟ قنبلتان ذريتان”، ثم غادر.
ويستعرض لوباج -في محاولة لفهم هذا الموقف الأميركي المريب- الفهم المعاصر لهذا الافتراض الواقعي للغاية، ولكن غير الواقعي في الحقيقة، وهو أن القنبلة الذرية لم تصمم لطرد المقاتلين المتحصنين من مواقعهم، بل هي سلاح سياسي يستخدم للردع فقط، لما لاستخدامه من آثار مدمرة، وقد تحول إلى وسيلة جيدة للابتزاز.
خدعة قناة السويس
في 26 يوليو/تموز 1956، تسبب تأميم الرئيس المصري جمال عبد الناصر لقناة السويس في غضب كل من لندن وباريس اللتين قررتا إعادة فتح القناة بالقوة، وإقصاء الرئيس ناصر من السلطة بانقلاب. وبالفعل بدأت عملية شارك فيها البلدان وإسرائيل في 29 أكتوبر/تشرين الأول، بإنزال مظليين فرنسيين وبريطانيين.
وكانت الولايات المتحدة -المشغولة بانتخاب الرئيس دوايت أيزنهاور- غاضبة، وكذلك الاتحاد السوفياتي الداعم الرئيسي لعبد الناصر، وفجأة أنهى رئيس الحكومة السوفياتية نيكولاي بولغانين الأزمة يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما أعلن أن بلاده “مستعدة لاستخدام جميع الأشكال الحديثة من الأسلحة التدميرية إذا لم يتوقف هذا الغزو”.
ونحن نعلم الآن -كما يروي المؤرخ- أن موسكو لم تكن قادرة على تنفيذ تهديدها، وأن ذلك كان مجرد خدعة كبيرة دعمها تهديد واشنطن للندن برد اقتصادي خطير، ربما كان له التأثير الأكبر. وعلى أية حال، فإن التلويح باستخدام القنبلة قد تم، وظهر أنها “تجلب الهيبة والكرامة”، وقد فهمت فرنسا ذلك وبدأت في أعقاب الإذلال الذي تعرضت له في السويس بتطوير سلاحها النووي.
لعبة محفوفة بالمخاطر
وسرد الكتاب -الذي ينبغي لأي مهتم بالأسلحة النووية أن يقرأه، بحسب ما يقول الكاتب- بعض تلك الأزمات المؤلمة التي جعلت الكوكب مرعوبا من خطر وشيك كالحرب الكورية بين 1950 و1953، ومضيق فورموزا بين 1954 و1958، وأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، والحرب الصينية السوفياتية عام 1969، وحرب أكتوبر عام 1973، والأزمة الروسية الأميركية عام 1983؛ فضلا عن تصاعد التوتر بين باكستان والهند حول كشمير بين عامي 1983 و1999، الذي جعل البشرية أقرب إلى نهاية العالم.
وفي نهاية كتابه، يضيف المؤلف قائمة بالحوادث التي قد تتعرض لها طائرات أثناء التدريب أو في حالة تأهب تسقط بقنابلها، وحوادث أخرى قد تتعرض لها الغواصات النووية، ليخلص إلى أن “خطر نهاية العالم لا يزال غير مستبعد”، وهو ما يجب التذكير به باستمرار!
المصدر: الصحافة الفرنسية