هل باتت منظمة الأمم المتحدة الحاضنة والداعمة للنسويات والشواذ!؟
أميّة سليمان جبارين (أم البراء)
من منّا لم يسمع بمنظمة الأمم المتحدة؟! تلك المنظمة التي تأسست عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية، وكان من أهم أهدافها تحقيق السلم العالمي بعد الحروب العدة التي اجتاحت العالم. وتضم هذه المنظمة في عضويتها حتى وقتنا الحاضر 193 دولة ومقرها في مدينة نيويورك الأمريكية ومن أهم أهدافها: تحقيق الأمن الدولي!!!، التنمية الاقتصادية، التقارب في مجال القانون الدولي، التقدم الاجتماعي، حقوق الإنسان وتحقيق السلام العالمي.
لكن وللأسف الشديد، كل هذا يعتبر حبرا على ورق لم يتحقق منه إلا النزر اليسير كما نلاحظ!! فلا استطاعت هذه المنظمة إيقاف الحروب وتحقيق السلام ولا استطاعت أن تشبع البطون الجائعة والأمعاء الخاوية على مستوى العالم، ولا استطاعت أن تسنّ القوانين لإيقاف الإجرام الدولي ومعاقبة مرتكبيه ولا استطاعت أن تحمي حقوق الإنسان، فما زال حتى وقتنا الحاضر ونحن في القرن الواحد وعشرين هنالك أناس تُقتل بسب ديانتهم على مرأى ومسمع العالم وتحت أعين منظمة الأمم المتحدة، فها هم المسلمون يقتلون في الصين والهند وبورما دون أدنى مراعاة لحقوق الإنسان!!! ولا زال السود يقتلون ويعاملون كأنهم درجة ثانية في أمريكا حاضنة مقر الأمم المتحدة، وقد شاهدنا عبر منصات التواصل كيفية تعامل أفراد الشرطة الأمريكية مع ذوي البشرة السوداء وكيف يتم قتلهم أمام الكاميرات دون أي رادع إنساني!! فأي سلام عالمي وأي أمن تنادي وتطالب به هذه المنظمة المشبوهة؟! التي ما زالت فضيحتها المجلجلة التي اشتهرت (بالنفط مقابل الغذاء) في العراق تلاحقها وتظهر عورتها وعدم حيادها في معالجة الأمور الدولية!! لا بل والازدواجية في المعايير بالقضايا المهمة التي تأسست هذه المنظمة لأجلها!! فعلى مستوى حقوق المرأة التي تتغنى بها هذه المنظمة وهيئاتها المنبثقة عنها، وجدنا أن هذه الجمعيات والهيئات تقيم الدنيا وتقعدها إذا ما تم المساس بسحاقية أو قتلت امرأة على قضية شرف العائلة، أو أن تتزوج المرأة في سن صغيرة لكنها لا تحرك ساكنا أمام ما يحدث للنساء المرابطات في المسجد الأقصى، على سبيل المثال من إبعاد وتضييق وحتى سجن فقط لأن هذه النسوة المرابطات تريد إقامة الصلاة والرباط في مسجد، وهذا من أحق الحقوق الشخصية والدينية التي يجب أن ينالها الفرد، ولا نراها تحرك ساكنا عندما يهدم جيش الاحتلال منزلا يأوي أسرة واحدة أو أكثر وتبقى فيه النساء مشردات بلا مأوى، فأين حق هذه النساء، ولا تحرك ساكنا كذلك أمام قضية الأسيرات القاصرات اللاتي يقبعن في سجون الاحتلال. وهنالك الكثير من القضايا التي تظهر سوءة هذه المنظمة لا يتسع المقام لذكرها لأنها تحتاج لشرح وتفصيل، لكن ما أود التركيز عليه في هذا المقال انحياز هذه المنظمة المفرط لجانب النسويات، وقد أوضحت في مقالتي السابقة من هن النسويات وبماذا تطالب وقد أوضحت انحراف مطالبهن عن المسار الطبيعي، لا بل فإن منظمة الأمم المتحدة تقوم بعقد المؤتمرات الدولية التي من خلالها تمرر القوانين والمواثيق الدولية التي تصب في نهاية المطاف في مصلحة الجمعيات النسوية، ضاربة بعرض الحائط مصلحة الشريحة الأكبر من النساء السويات في العالم.
وأكبر مثال على ذلك ما ذكر في وثيقة مشروع برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي عقد في القاهرة من 5- 1994/5/15 وما تبعها من مشاريع وبرامج، نجد أن هذه البرامج ما هي إلا إعلان صريح للحرب على الأسرة ودعوة واضحة لتغيير الأنماط المعروفة من دور الأب ودور الأم في الأسرة والدعوة، إلى عدم اشتراط وجود الطرفين لتكوين الأسرة (أي يمكن أن تتكون الأسرة من امرأتين أو من رجلين). وهذا هو الفجور والفسوق بعينه الذي لا يؤدي فقط لتدمير الأسرة بل لتدمير النظام العالمي. فمن المؤكد حسب تقارير واستبيانات موثقة تخص عدد السكان في القارة الأوروبية بالذات أن الهرم قد قلب للعكس أي أن عد السكان يتناقص بشكل هرمي مقلوب مما ينذر بانقراض العرق الأوروبي، بينما العرق العربي فإن سلمه السكاني الهرمي يزداد مما يعني سيطرة المسلمين على أوروبا، لذلك تبنى ساسة الغرب ومفكروه قضية سنّ قوانين وترويجها في مجتمعاتنا المسلمة بحجج واهية كالحرية الشخصية، وحقوق المرأة، وحق الطفولة، وما إلى ذلك من حقوق في ظاهرها نظن الخير، لكن باطنها مضمونه الشر الكبير!! فعلى سبيل المثال: في الوقت الذي تنص فيه المواثيق الدولية على رفع سن الطفولة ورفع سن الزواج فإنها بنفس الوقت تخفض سن ممارسة الجنس بالتراضي إلى 13سنة (خارج إطار الزواج) كما وضعت برامج وسياسات تبيح الإجهاض للتخلص من الجنين غير المرغوب فيه وهذا ما أدى إلى: أن نسبة العلاقات خارج إطار الزواج بلغت 60% في أوروبا، فيما كانت في بداية القرن العشرين تصل إلى 3% ووصل عدد حالات الإجهاض في العالم إلى 73مليون حالة في السنة أي أن امرأة حامل من بين أربعة نساء تقوم بالإجهاض.
وهذا نتاج توفير الحماية المباشرة على تقديم خدمات الإجهاض، كما أن المواثيق الدولية للأمم المتحدة أباحت الدعارة ووضعتها تحت الحماية القانونية بحجة أنها نوع من أنواع العمل الذي يجب أن توفر للعامل في هذا المجال الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية وشملت هذه المواثيق الرجال والنساء على حد سواء كما شملت هذه المواثيق الاعتراف بالشذوذ الجنسي واعتباره ضمن الحرية الشخصية، لا بل ومساواة الشواذ جنسيا بالأسوياء في الحقوق والواجبات!! وإعطاء الشواذ الحق في الزواج وتكوين أسرة!! ومما يتضح للعيان فإن منظمة الأمم المتحدة بتبنيها هذه الفلسفة والترويج لها وتطبيعها في المجتمعات، قد ساهمت في تطبيع وجود الشواذ والمنحرفين عالميا-لان الشواذ مرفوضون من قبل الديانات السماوية- ووصولهم إلى مناصب قيادية خطيرة على مستوى العالم فعلى سبيل الحصر لا القصر فإن وزير النقل الأمريكي شاذ جنسيا، وراشيل ليفين مساعدة وزير الصحة متحولة جنسيا، كما أن زوجة رئيس وزراء لوكسمبورغ رجل، وليدي جاجا المغنية المعروفة التي اختيرت لتغني النشيد الوطني الأمريكي في حفل تنصيب بايدن هي سحاقية لا بل ممثلة السحاقيات في أمريكا.
نعم أيها السادة، هذا وجه العالم الذي تسعى لإقامته الدولة العميقة بمساعدة قوانين ومواثيق الأمم المتحدة. إنه عالم تحكمه مبادئ النسويات بامتياز تحت مسمى (القانون الدولي لحقوق الإنسان) الذي يضمن المساواة المطلقة بين الأنواع، سواء بين الرجال والنساء أو بين الأسوياء والشواذ وحتى يتم ذلك الأمر فإن المنظمات المنبثقة عن هيئة الأمم المتحدة قد تلجأ للقضاء الدولي لتنفيذ هذه السياسات في دول العالم!
وهنا أعود وأؤكد أن منظمة الأمم المتحدة بإستراتيجيتها هذه أصبحت بمثابة إدارة تنفيذية للماسونية العالمية التي لها نفس الأجندة من اللادينية والانحلال الأخلاقي وهدم القيم العقدية من خلال نظرية الفوضى الخلاقة على مستوى الدول وعلى مستوى الأسر للسيطرة على العالم. وآخر دعوانا أن صل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.