الرسائل الخفية في الإعلام وكيف تجدها؟ (20)
عائشة حجار
هذا الاسبوع عرض رئيس بلدية أم الفحم، د. سمير صبحي، فكرة الاستقالة الجماعية لرؤساء السلطات المحلية العربية من وزارة الداخلية الإسرائيلية، كمحاولة للضغط على الوزارة والمطالبة بعلاج آفة الجريمة في المجتمع العربي، كما عرض رؤساء مجالس آخرون الفكرة. هذا التصريح صنع بعض الصدى في الإعلام وتباينت ردود الفعل بين من يرى فيه خطوة جريئة ومن يرى أنه شعارًا آخر لن ينفذ.
لا يمكن إنكار أن استقالة كهذه هي أمر صعب التنفيذ جدًا، لكن يوجد لمثل هذا التصريح تأثير في اتجاهين: اولًا نحو السلطات التي قد لا ترغب بهذا النوع من الضجيج وتفضّل أن تتحرك، ولو قليلًا، لتنفيذ مطالب صاحب هذه التصريحات. في حالة المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني من الصعب جدًا وقوع مثل هذا السيناريو لان السلطات الاسرائيلية تنظر الى الفلسطينيين على أنهم ليسوا ضمن مسؤولياتها، فيحمل السياسيون المواطنين البسطاء مسؤولية قلع أشواك ليس بأيديهم أي ادوات لقلعها.
الاتجاه الثاني، هو نحو المواطنين، وهو الأهم. أهم ما في الكلمات التي نقولها هو كيفية وصولها إلى آذان مستمعينا وكيف يمكن أن تؤثر هذه الاقوال بهم. في حديث مثل تهديد رئيس بلدية بالاستقالة تصل الجمهور اولًا رسالة بوجوب التحرك، بأي شكل ممكن، للتأثير وتحسين ظروف حياتهم، حتى لو عنى ذلك الاستغناء عن أمور من الصعب التنازل عنها كمكان العمل أو المنصب. الرسالة الثانية هي وجود قيادة، في حالة مجتمعنا العربي نعاني في السنوات الأخيرة من خطاب الزعامة التي تعتبر المنصب السياسي للبعض أمرًا مفهومًا ضمنًا لا يمكن الاستئناف عليه، زعامتنا لا تجهد نفسها بأن تعرض أسباب استحقاقها لمناصبها بل تخوّن من يسائل هذا التنصيب التلقائي حتى لو كانت هذه الزعامة تمسح أطراف ثوب زعيم اليمين الكاره للفلسطينيين كلّما سنحت لها الفرصة.
صاحب منصب يهدّد بالاستقالة، يعيد للجماهير الأمل بأن احدًا ما في أعلى الهرم يهتم بهم، يزعجه نزيفهم، يحاول تغيير واقعهم كجزء من واجبه بدلًا من أن يتحدث عن واجبهم المقدس بتتويجه مرة تلو أخرى. ليس من الضروري أن يستقيل رؤساء المجالس حقًا، لكن مجرد كلمة فيها مسؤولية نحو مجتمعهم تحوّلهم من زعماء إلى قادة، ونحن بحاجة لهؤلاء.