“مجمع الوئام الخيري” في مدينة عرابة… صرحٌ عتيد يضم مسجدا والعديد من المراكز التوعوية
ساهر غزاوي
تستعد مدينة عرابة في الجليل، لافتتاح “مجمع الوئام الخيري”، خلال الأشهر القريبة، بكافة مرافقه الضخمة ليكون واحدًا من أكبر المراكز الثقافية والاجتماعية والدينية، نظرًا لما يحويه من قاعات ومرافق ستخدم أهل عرابة والمنطقة.
في الأسبوع الأخير، تم الانتهاء من تركيب السقف الأخير لمجمع الوئام الخيري بواسطة رافعة عملاقة، وفي الأيام القادمة سيتم الانتهاء أيضا من تركيب قباب التي ستضفي المزيد من الجمال على هذا الصرح الكبير، كما قال الشيخ معين صُح، المسؤول المتابع عن تنفيذ المشروع في حديثه لـ “المدينة”.
أهالي عرابة يراقبون ويترقّبون
للمزيد من التفاصيل حول ذلك، قال الشيخ معين إن مبنى المسجد والمركز الثقافي أصبح في مرحلة اللمسات الأخيرة “تشطيب”، بحيث يتكون من ستة طوابق، كل طابق مساحته 600 متر، ويشتمل المجمع على: موقف للسيارات، قاعة للمناسبات، قاعة رياضية، مركز ثقافي، مسجد للرجال، ومسجد للنساء، إلى جانب مصعد كهربائي ومئذنة بارتفاع 56 مترًا عن الأرض.
ويُبين صُح أن “مجمع الوئام الخيري” بُني بمعايير هندسية عصرية في غاية في الفن والجمال، بتخطيط وتصميم من مكتب “اخوان طبعوني للمعماريين والمهندسين” في مدينة الناصرة على نفقتهم الخاصة ودون مقابل، حيث يظهر المجمع بنوع من الفن المعماري الإسلامي بطريقة عصرية خارج عن نطاق البناء التقليدي والروتيني مما يعطي لمدينة عرابة جمالًا مميزًا، بالإضافة إلى إضاءة المبنى والمئذنة التي ستكون لافتة للأنظار بشكل غير مألوف.
ويشير إلى أن هذا المبنى موجود في حارة (الحارة الغربية من عرابة من جهة مدينة سخنين) تُعاني من اكتظاظ سكاني ولا يوجد فيها مسجد ولا أي مركز ثقافي ولا اجتماعي مما سيلبي أولًا احتياجات أهالي الحي بدل أن يذهبوا إلى أماكن بعيدة، كما يقول الشيخ معين صُح.
ويلفت الشيخ صُح في ختام حديثه لـ “المدينة” إلى أن “أهالي عرابة منذ أول لحظة وهم يراقبون مراحل بناء “مجمع الوئام الخيري” ويترقبون لحظة افتتاحه بشغف كبير، لا سيّما وأن العديد من أهالي المدينة لم يبخلوا على دعم المشروع”. كما وأهاب الشيخ معين بالأهالي ومن يرغب أن يساهم في مشروع الخير هذا بمواصلة الدعم المادي والمعنوي حتى يتمكنوا من الوصول بأسرع وقت ممكن إلى المرحلة النهائية وتجهيز المجمع للاستعمال.
نواة لبث ثقافة التسامح والعطاء
وتحدث الأستاذ نسيم بدارنه، عضو لجنة الوئام الخيرية لـ “المدينة” وبيّن أن بداية الفكرة للمشروع هي إقامة مركز ثقافي على أرض خاصة لجمعية الوئام التي اشترتها قبل نحو 10 سنوات، والتي هي بطبيعة الحال المؤسسة الرسمية التي احتضنت هذا المجمع.
ويقول إن “حلم إقامة هذا المشروع الذي بدأ بناؤه قبل سنوات، كان شبه مستحيل، خاصة أننا لا نملك الأرض، فاشترينا بتوفيق من الله قطعة الأرض من أموالنا ومن تبرعات وصدقات أهلنا في مدينة عرابة لإقامة هذا الصرح الكبير في حارة لا يوجد فيها مسجد وتفتقر إلى وجود المرافق والمؤسسات الثقافية والاجتماعية، هذا فضلًا عن أن المؤسسات والمراكز التي تقوم عليها جمعية الوئام الخيرية كلها مستأجرة وندفع مبالغ شهرية كبيرة مقابل ذلك”.
من أجل ذلك، يضيف بدارنه، “هذا المجمع سيخفف عنا الكثير من الأعباء المادية جرّاء الدفعات الشهرية، بحيث سيكون لنا مركز لمؤسساتنا وجمعياتنا الثقافية والاجتماعية، إلى جانب أن المجمع سيكون فيه نواة ثقافية تربوية نخدم أهلنا من خلالها في العمل التطوعي عبر بثّ ثقافة التسامح والمحبة والعطاء، قيمة العطاء التي تربينا عليها في ديننا الإسلامي الحنيف وخاصة ونحن اليوم في مجتمعنا نعاني الكثير ونبحث عن حلول لأزمة العنف المستشري في داخل مجتمعنا”.
ماذا قدمتم للشباب؟
ويتابع: “أظنّ أن إقامة مثل هذه المجمعات والمراكز الثقافية تعطي حلولا لسبل مكافحة العنف، فلا يكفي التنظير ولا يكفي دائما البحث عن الشرطة، نحن قادرون على مواجهة غول العنف الذي يفتك بنا جميعًا، وإقامة مثل هذا المركز هو جواب لأولئك الذين يقولون ويتساءلون: ماذا قدمتم للشباب؟ وماذا عملتم؟ هذا نموذج لعدة مشاريع وهو نموج مصغر أيضا عن باقي المشاريع التي لا تقوم على البناء المادي الملموس فقط، إنما من خلال هذا العطاء الذي نحافظ فيه على مجتمعنا ونحن دائما نواصل ذلك”.
ويلفت الأستاذ نسيم بدارنه إلى أن “أهلنا في عرابة مدّوا يد العون ولم يبخلوا علينا إن كان بالمواد العينية أو المادية، ما توقعنا هذا الالتفاف الجماهيري حول هذا البناء وبثّ الروح الإيجابية ومدى حاجتنا له”. ويذكر في هذا السياق أن “هناك أخ تقدّم بصدقة عن روح ابنه بمبلغ يقارب نصف مليون شيكل في اللحظة التي عرف أننا أعضاء جمعية الوئام الخيرية القائمين على بناء هذا المجمع، ويعرف أن هذه الأيدي شريفة وأيد نظيفة تؤتمن على مبالغ ضخمة مثل هذا المبلغ فوضعه في مكانه المناسب”.
وبيّن بدارنه في ختام حديثه لـ “المدينة” أن “مجمع الوئام الخيري” سيكون له “مدير عام وسيتم تعيين إمام للمسجد، وسيكون بإذن الله المجمع عامرا بالبرامج الثقافية ومصنعا تربويا يكون نموذجا للمنطقة ليحي البلدة ويحي المنطقة كرمز في البناء الإنساني في ظل غياب قيم العطاء وسيطرة الفردية والربح المادي على قيمنا في هذه المرحلة التي توّلد عنها الكثير من النتائج السلبية ومنها التباعد الاجتماعي، مسيرة العطاء للشباب لا تنتهي وهذه محطة من المحطات ونحن مستمرون في العطاء في كل النواحي إن شاء الله، وعرابة محتاجة لهذا الصرح خاصة أنها مدينة مليئة بالمثقفين والاكاديميين وأصحاب الكفاءات والإمكانيات”.
مجتمعنا يستحق الأفضل مع هذا الصرح
ويقول الدكتور واصف نعامنه، عضو لجنة الوئام الخيرية في مداخلة له: “إن مجمع الوئام الذي بات قاب قوسين أو أدنى ليكون صرحا ثقافيا، اجتماعيا ودينيا من الدرجة الأولى بفضل من الله، حيث البناء المميز والتخطيط الرائع، وبفضل دعم أهلنا الخيّرين في عرابة معنويًا وماديًا. أردنا أن نخدم أهلنا من خلال هذا المجمع الذي يضم مسجدا، قاعة رياضية وغرف تدريس تخدم جميع الأجيال وغيرها من البرامج التي ستقدم من خلاله. إيمانًا منا بأن أهلنا في عرابة خاصة وفي المجتمع العربي عامة يستحقون الأفضل مع هذا البناء الراقي”.
ويضيف نعامنه في الختام: “هي فرصة لنقدم الشكر الجزيل لكل من ساهم في هذا الإنجاز. ما زال الطريق طويلًا ولكن بحمد الله قطعنا شوطًا شاقًا وقريبًا بإذن الله سنتمم هذا العمل الذي نقدمه خالصًا لوجه الله تعالى. ونخص بالذكر المشرف والمحرك الرئيسي لهذا العمل الرائد فضيلة الشيخ معين صح. وجزى الله كل من ساهم في بناء هذا الصرح. ونسأله تعالى أن يكون صرحًا، يُبنى فيه جيل عزيز يحمي دينه ووطنه”.