دراسة تستكشف.. كيف تتشابه آليات حركة الكثبان الرملية على الأرض والمريخ؟
ما زال العلماء يبحثون عن أوجه تشابه بين الظواهر الطبيعية على كوكب الأرض، وتلك الخاصة بكوكب المريخ، أملا في فهم أفضل لهذا الأخير. من ذلك كانت تلك الدراسة الحديثة لديناميكيات الكثبان الرملية في صحاري الأرض، وأوجه تشابهها مع تلك الخاصة بكوكب المريخ.
ونشرت دورية “جيوفيزيكال ريسيرتش ليترز” (Geophysical Research Letters) بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول من العام الجاري دراسة تستعرض 5 أنماط لتكوين الكثبان الرملية الهلالية، بالاعتماد على استقراء نتائج 120 تجربة محاكاة مخبرية.
البراخين (ومفردها برخان)؛ وهي كثبان رملية على شكل هلال تظهر في بيئات مختلفة، وتتشكل من خلال التفاعل بين تدفق أحادي الاتجاه لمائع ما كالغاز أو السائل، وبين المواد الحبيبية كالرمل. حيث تتشكل داخل أنابيب المياه أو على قيعان الأنهار، وتأخذ شكل تموجات بطول 10 سنتيمترات، ويتجاوز طولها 100 متر في الصحاري، ويزيد عن كيلو متر على سطح المريخ.
ووفقا لما جاء في البيان الصحفي الذي نشره الموقع الإخباري لـ”مؤسسة ساو باولو للأبحاث” (Sao Paulo Research Foundation) عن الدراسة، فإن الزمن اللازم لتشكل تلك البراخين يختلف تبعا لحجمها أيضا، حيث يقدر بدقيقة واحدة للبراخين التي تتشكل في الماء، وعام للكثبان الرملية الهلالية في الصحراء، ويمكن أن يصل إلى ألفية لتكوين البراخين العملاقة على سطح المريخ.
محاكاة مخبرية
ووفقا للبيان، فقد قام باحثون من بجامعة كامبيناس في ولاية ساو باولو في البرازيل، بإجراء 120 تجربة على زوج من الكثبان الرملية في قناة هيدروديناميكية مصنوعة من مادة شفافة، مع إضافة تدفق مضطرب للماء ورصد طريقة تفاعل زوجين من الكثبان الرملية الهلالية بكاميرا عالية الدقة.
وحدد الباحثون 5 أنواع من التفاعل الثنائي بين زوج من الكثبان الرملية أحدهما كان متوافق مع مجرى التيار المائي، والآخر متعاكس معه. ولاحظ الباحثون أن الأنماط الخمسة كانت قد اشتملت على آليتين رئيسيتين، تتمثل إحداهما بالاضطراب الناتج عن تدفق المائع، والأخرى بالاصطدام ما بينهما.
5 أنماط لتشكل البراخين
وسمي النوع الأول بالتعاقب، ويحدث عندما يكون زوج الكثبان بالحجم نفسه تقريبا، وهنا تؤدي الدوامات إلى إنقاص حجم الكثيب المتوافق مع اتجاه جريان التيار المائي. ومن ثم يتحرك الكثيبان بالسرعة نفسها مع المحافظة على مسافة ثابتة بينهما، وكأنهما في حالة سباق فيما بينهما.
وسمي النوع الثاني بالاندماج، ويحدث عندما يكون الكثيب المعاكس للتيار المائي أصغر بكثير من الكثيب الموافق لاتجاه الجريان، وفي هذا النوع لا يحدث نقصان في حجم الكثيب الموافق لجريان التيار، ومن ثم يتصادم الكثيبان ويحدث الاندماج لتشكيل كثيب رملي واحد.
أما النوع الثالث فهو التبادل، والذي يحدث عندما يكون الكثيب الموافق لجريان التيار أصغر حجما -بنسبة ضئيلة- من الكثيب المعاكس للتيار المتدفق. وهنا يحدث التصادم بينهما. حيث يصعد الكثيب الأصغر، وينتشر فوق البرخان الأكبر. وفي هذا النوع يحدث تآكل لمقدمة الكثبان الرملية، وتنتج كثبان رملية جديدة أصغر حجما، وتتجه مع مجرى التيار المائي بحركة سريعة تحدث فجوة ما بين الكثبان الرملية.
أما النوع الرابع والخامس فيسميان التعاقب أوالسباق والتجزئة، ويحدث عندما تكون الكثبان الرملية ذات أحجام مختلفة. وفي هذه الحالة يكون تأثير الدوامات المائية على الكثيب الرملي، الذي يتوافق مع اتجاه التيار لدرجة أنها تتسبب بانقسامه إلى قسمين أصغر حجما.
وهكذا يصبح لدينا 3 كثبان رملية تتسع الفجوات فيما بينها؛ ليبدأ بعدها النوع الخامس من التشكيل، وهو تبادل التجزئة، الذي يشبه النوع الثالث.
وعلى الرغم من اختلافها في الحجم تتشابه الكثبان الرملية الهلالية في آلية تشكلها وتفاعلها، وبالاعتماد على قوانين الحجم يمكن إجراء تجارب محاكاة مخبرية لتلك الكثبان المائية القصيرة بطول سنتيمترات.
ومن ثم يمكن نقل النتائج إلى بيئات أخرى، حيث تكون الأحجام أكبر والفترات الزمنية أطول، كتلك التي تتكون في المريخ، وبهذا يمكن فهم تكوين الكثبان الرملية الهلالية على سطح المريخ في ماضيه وحاضره والتنبؤ بمستقبله أيضا.
المصدر: الصحافة الأجنبية