كورونا، بلا إحراجات ولا خصومات.. المسؤولية فردية وجماعية
الشيخ حسام أبو ليل
جائحة كورونا واقع يعيشه مجتمعنا كسائر مجتمعات العالم.
مرة بعد مرة لا حاجة للحديث التحليلي عن السبب والمسبب، نحن جميعًا أسرى التعليمات والتوجيهات والتقييدات والتخفيفات والتصنيفات وووو.
من الواضح، إلى حد ما، أننا، فرادى وجماعات نتسبب في أضرار لمجتمعنا، إغلاقًا أو تقييدًا للحركة العامة التجارية والإنتاجية والوظيفية والاجتماعية …، وبالأخص تعليميًا.
لا ندري حاليًا، ولا نملك المعطيات الكافية الكاملة عن حجم الضرر لطلابنا بسبب بُعدهم من الجلوس على مقاعد الدراسة في مدارسهم وصفوفهم وأمام مدرسيهم طيلة هذه المدة، ولا ندري إلى كم سيستمر، ولا ندري مقدار الأضرار الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، فكلها تقديرات، ولعل الحقيقة أفظع.
يسارع الناس كلما أُعلن عن تخفيف التقييدات، إلى التحرر من الضوابط الوقائية بل والتفلت، فتعود التجمعات في الأفراح أو الأتراح، لتعود العدوى والإصابات ودمغ البلدة بألوان الخطر، ويعود الإغلاق!
شخص يحمل المرض، يعلم أو لا يعلم، صغيرًا كان أو كبيرًا، ثم يشارك في المناسبات أو يذهب للتسوق أو يرسله أهله إلى المدرسة، والبعض يشارك، مع مرضه أو كبر سنه، في المناسبات خجلًا أو مصلحةً، وتكون المصيبة!
ويزداد الحرج إذا كان الداعي لهذه المناسبات من أصحاب المكانة وذوي الهيئات المنظور إليهم، كقائد أو مسؤول أو طبيب وما شابه، عندها كما يقولون:”عالدنيا السلام”، ينقطع الوعظ والإرشاد والتأثير، فلا مكان له بين الناس.
تذكرون، كم فرح طلاب بعض الصفوف الابتدائية أو الروضات بعودتهم إلى المدارس، وما أن فتحت الأبواب وإذا بأم، غفلةً أو تهاونًا ببعض العوارض المرضية، ترسل ولدها المصاب، فيضر الباقي ويُغلق الصف ويدخل الطلاب والمعلمة إلى الحَجر…
هذا ينطبق على العرس وعلى بيت العزاء، وربما نفقد بعض أحبائنا بسبب هذا الاستهتار.
البعض من أصحاب الأعذار الشرعية، المريض والكبير والمصاب بالكورونا، قد يصرّ أن يحضر صلاة الجماعة في المسجد، فيضر نفسه أو غيره، حتى غير المصاب فترى البعض ما زال مصرًا على عدم الالتزام بلبس الكمامة ولا يحافظ على المسافة ولا يحضر سجادة، وكأنه هو المتوكل الحقيقي وغيره ضعيف إيمان، والحقيقة أن هذا اسمه تواكل لأن الاخذ بالأسباب من الإيمان، “أفرّ من قدر الله إلى قدر الله”.
لست هنا مبرئًا السلطة والشرطة في تعاملها الفظ والمتحيز، لكن لا يخفى أن قسمًا من أهلنا قد يتعامل مع التعليمات بمنطق الخوف أو التحدي للجهات المختصة أو المتابٍعة، بل صار البعض ينظر لمن يدخل مكانًا عامُا مرتديًا الكمامة أو لا يصافح أو… بعين الدهشة والاستغراب.
يا أهلنا، إنها مسؤوليتنا جميعًا، بعيدًا عن الأنانية والمصالح الضيقة، نحن نخسر جميعًا، واجبنا فردًا فردًا أن نأخذ الأمر بجدية ونحافظ على التعليمات، حبًا وحفاظًا على مجتمعنا ولنعود إلى حياتنا الطبيعية.
ليعذر بعضنا بعضًا، ولا مكان للزعل والخصومات، فالكل يخسر، وأرواحنا ومستقبل أولادنا واقتصاد مجتمعنا أهم من المصالح الضيقة.
ولا يخفى بعد هذا أن التهاون والمخالفة والإضرار يدخل في المعصية والإثم.
ونسأل الله السلامة للجميع