العنف ضد النساء في المجتمع العربي: بين الحقائق والحلول
عائشة حجار
مع جائحة كورونا، وتفشي العنف بشكل عام، نجد أن العنف ضد النساء زاد أيضًا. نرصد في هذا التقرير عدة نواح تتعلق بظاهرة العنف ضد النساء في مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، بهدف فهم جوانب الظاهرة والحلول المتاحة. بداية، كان لا بد أن نتطرق قبل كل شيء الى بوصلة حياتنا وديننا لنفهم موقفه من العنف ضد النساء، حيث أجابنا الشيخ د. مشهور فواز، رئيس المجلس الاسلامي للإفتاء في الداخل الفلسطيني.
د. مشهور فواز: العنف بكل أشكاله وأنواعه محرم شرعًا…
بل لقد ورد النهي عن لطم بهيمة على وجهها
المدينة: ما هو موقف الاسلام من العنف ضد النساء؟
ممارسة العنف بكل أشكاله وأنواعه محرم شرعًا سواء كان العنف ضد الذكور أم الإناث أم الأطفال، بل لقد ورد النهي عن لطم بهيمة على وجهها، فكم بالحريّ أن يكون التحريم تجاه الإنسان المكرّم.
المدينة: يبرر البعض العنف ضد الزوجة والطفل بأن الإسلام يسمح بذلك، رأيكم بهذا الادعاء؟
هذا ادعاء باطل وفهم سقيم للنصوص الشرعية؛ وللردّ على هذه الشّبهة ووضع الأمور في نصابها الشرعي، نقول:
أولًا: ثبت ذم الضرب والتحذير منه بأحاديث صحيحة صريحة؛ من ذلك ما رواه البخاري في صحيحه: “لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم” (رواه البخاري، 4908)
وفي رواية أخرى: “أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد يضربها أول النهار، ثم يجامعها آخره؟”.
ثانيًا: ما المقصود بالضرب في الآية؟
المقصود بالضرب في الآية هو التّأديب المصحوب بعاطفة المؤدّب وليس الايذاء والايلام، وذلك كما يؤدّب الوالد طفله الصّغير، وقد اشترط الفقهاء ألاّ يكون الضّرب بآلة مؤذية كعصا وألاّ يكون في أماكن حسّاسة كالوجه أو البطن وألاّ يؤثر في الجسد، وإنّما يكون بطرف الثّوب أو السّواك، ولا يخفى على أحد أنّ هذه الأدوات غير مؤذية بل ولا مؤلمة.
قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج (7/455): “فيحرم المُبرِّح وغيره كما يأتي ويؤيد تفسيري للمبرح بما ذكر قول الروياني عن الأصحاب يضربها بمنديل ملفوف أو بيده لا بسوط ولا بعصا”.
وجاء في تفسير القرطبي (5/152):
” والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المُبرِّح، وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة كاللكزة ونحوها؛ فإن المقصود منه الصلاح لا غير”.
قيل لابن عباس رضي الله عنهما ما الضرب غير المُبرِح؟ قال بالسّواك ونحوه. انظر: تفسير القرطبي (5/152).
ثالثاّ: متى يشرع التأديب؟
* وهذا التأديب مع أنّه لا إيذاء ولا إيلام فيه إلاّ أنّه لاّ يكون إلاّ لشريحة خاصة من النّساء، وهي المرأة النّاشز ويقصد بالنّشوز: العصيان، وأصل النشوز: التكبر والارتفاع، ومنه النشز للموضع المرتفع، كما أنّه لا يشرع التأديب إلاّ عند تكرر النّشوز منها وليس عند ابتدائه، جاء في زاد المسير، لابن الجوزي، رحمه الله تعالى: “والضرب عند تكرره- أي تكرر النّشوز-، واللّجاج فيه، ولا يجوز الضرب عند ابتداء النشوز، قال القاضي أبو يعلى: وعلى هذا مذهب ابن حنبل”. (انظر: زاد المسير، لابن الجوزي، ج2/76).
*كذلك لا يشرع التأديب إلاّ بعد استنفاذ جميع محاولات الوعظ والهجر. (انظر: بدائع الصّنائع، 2/334).
وليس مقصود الهجر أن يهجرها بالكلام كما فهمه البعض وإنّما المقصود بالهجر أن يترك جماعها وقيل إن يترك كلامها أثناء الجماع فقط لا أن يترك كلامها بالكليّة. (انظر: بدائع الصّنائع في ترتيب الشرائع، للكاساني، (2/334).
*كما أنّه إذا غلب على ظنّه أنّه لا ينفع التأديب فلا يجوز أن يلجأ إليه من الأصل، وهذا ما ذكره ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج (7 /455 ) والرّملي الشّافعي ( 6/390 )، والحطّاب المالكي في (مواهب الجليل: 4/ 15- 16).
رابعا: فإن قال قائل: وما يجدي هذا التأديب اللّطيف نفعًا مع المرأة النّاشز؟
قلنا: إنّ ابنك المدلّل الذّي اعتاد أن تتعامل معه باللمسة الحانية والرّفق واللّطف، إذا شعر يومًا أنّ والده لمسه بلمسة غير لطيفة فإنّ ذلك سيؤثر في نفسه ويدرك أنّ هذا الأب العطوف المتسامح قد تضايق من تصرفه ممّا يدفعه لتعديل أو تغيير السّلوك والتّصرف، وهذا الأمر أيضاً يقال بالنسبة للزوج وزوجته.
فالأصل في الحياة الزّوجية الرّفق واللّين والعطف، فإذا رأت الزّوجة ذلك الزّوج الذّي اعتادت منه اللمسة الحانية والتنازل قد بدرت منه حركة غير لطيفة- وإن كانت غير مؤلمة ولا مؤذية- على خلاف ما اعتادت عليه، فإنّ هذا يجعلها تراجع نفسها وتدرك أنّ الأمر جدّ وبدأ هذا الرّجل المتسامح المتغافل عن الزلات يتضايق ويتضجر من سلوكها.
فإن علم الزّوج أنّ الزّوجة لا تغيّر من سلوكها إلاّ بالضّرب المبرّح فإنّه في هذه الحالة يحرم الضرب المبرّح وغيره. (انظر: نهاية المحتاج، للرملي، ج6/390) وكذلك نصّ الرّملي رحمه الله تعالى أنّه إذا علم الزّوج أنّ غير المُبرِّح لا يفيد فلا يجوز أيضًا (انظر: نهاية المحتاج، للرملي، ج6/390).
فهل بعد هذا التّوضيح والبيان لما حظيت فيه المرأة من المكانة والرّفعة في ظلّ تعاليم الإسلام بقي بعد ذلك أدنى شبهة للمتربصين بالإسلام وأهله الدّوائر؟!
المدينة: هل ترد في السنّة والأثر حوادث عنف نحو النساء كما نراها اليوم؟
لم يرد ذلك في السنة مطلقاً بل ثبت عكس ذلك تماما فقد ثبت في السنة أنّه قد ضرب بيده شيئا لا امرأة ولا خادمة.
ومن أجمل ما قاله أهل العلم في هذا الباب: “والمرأة أحق بالرحمة والرفق من غيرها” لما جاء في الحديث: “رفقاً بالقوارير” وما ورد في الصحيح: “استوصوا بالنساء خيرا”.
المدينة: ما هو الحل لهذه الظاهرة برأيك؟
الحل لهذه الظاهرة متعدد الجوانب؛ نذكر منها:
أولا: تعميق الإيمان في القلوب لأنّ الإيمان الصادق يعني رحمة وعدل ومسؤولية وأمانة وتضحية.
ثانيًا: التوعية والتهيئة الأسرية قبل الزواج.
ثالثًا: معالجة المشاكل الأسرية من خلال استشارة مهنيين ثقات.
هيام محاميد: الكثير من النساء استطعن كسر دائرة العنف
للتعرف على الظاهرة من منظور علاجي اجتماعي ونفسي، طلبنا من المعالجة الاسرية هيام محاميد، عضو في جمعية سند لصلاح الأسرة وبناء المجتمع، أن توضح لنا بعض النقاط.
المدينة: ما هو العنف ضد النساء؟
يمارس العنف على النساء بجميع الاشكال ولكن الكثير من النساء التي تعنف لا يوجد لديها الجرأة والقدرة على كشف العنف لأسباب عديده ومنها:
1. التغطية الاجتماعية والعائلية وذلك بما يعرف بالعيب الاجتماعي، وخاصة في الطبقة المتعلمة.
2. عدم قدرة النساء النفسية، والاجتماعية، والاقتصادية على كشف العلاقة وتحمل الاسقاطات النفسية والاجتماعية.
3. للأسف أصبحنا مجتمعا تهمه المظاهر، وأصبحت النظرة الاجتماعية للعائلة التي يمارس بها العنف تدرج تحت ما يسمى عائلة “منبوذة”.
المدينة: ما الفرق بين العنف ضد النساء وسائر انواع العنف؟
أما الفرق بين العنف ضد النساء وباقي أنواع العنف، فإنّ العنف ضد النساء ليس علنيا، وإنما يندرج تحت السرية العائلية وينحصر بين أفراد الاسرة المصغرة أحيانا، وأحيانا أخرى ينكشف للعائلة الموسّعة، ولكن يتم التعتيم وعدم الكشف عن الموضوع.
المدينة: نسمع كثيرا عن “دائرة العنف”، هل يمكن كسر هذه الدائرة؟
كل عائلة يمارس فيها العنف، تكون هذه الدائرة أحد مميزاتها. ومع مرور الوقت، تتحول هذه الدائرة إلى دائرة سريعة بحيث يصبح السلوك العنيف، سلوكا ممنهجا وكثير من المراحل تقتصر على تراكم الغضب والحدث العنيف. لذلك، كل امرأة معنّفة تمر في هذه الدائرة بقوقعات نفسية صعبة للغاية ومنها: الخوف، التعلق المرضي بين المرأة والزوج “التعلق بين السجين وسجانه”، العجز المكتسب والخجل الاجتماعي.
المرأة التي تمر في هذه الدائرة بحاجة لمرافقة وارشاد من قبل مختص ومهني بموضوع العنف الاسري. بحيث أن القيام بهذه الخطوة تتطلب الكثير من الجرأة وكسر حاجز الخوف والصمت.
وهناك الكثير من النساء التي استطاعت أن تكسر دائرة العنف وذلك الحاجز.
مريم عبد الحكيم: الوعي هو الأساس
مريم عبد الحكيم، صاحبة لقب ثانٍ في علوم الجندر، تحدثنا عن خصوصية مجتمعنا في الداخل الفلسطيني وعلاقة واقعنا السياسي الاجتماعي بالعنف ضد النساء.
المدينة: ما الفرق بين العنف ضد النساء والعنف بشكل عام؟
ما يميز “العنف ضد النساء” بأنه متعلق بجنسنا كإناث بشكل خاص، بمعنى لا يوجد رجل يُقتل تحت خلفية ما يسمى بشرف العائلة مثلًا، إنما القتل هنا نابع من كون الإناث هن عرض المجتمع أو العائلة، والقتل “يطهر” هذا الدنس بحسب ما يؤمن به مروّجو تلك الفكرة. بالمقابل لو دنّس رجل شرفه بفعل المحرمات والمنكرات فلا حكم عليه مجتمعيًّا، بالتالي القتل هنا نابع من كون الامرأة امرأة، لا من كون الفعل مرفوض ومحرم لكلا الجنسين. طبعًا بغض النظر عن طريقة تعامل الشرع مع خطأ من هذا النوع، وبغض النظر عن التعريف الشرعي لهذا العمل، فبعض جرائم القتل تكون دون بيّنة ولا دليل أصلًا.
المدينة: هل هناك ما يميز مجتمعنا في الداخل الفلسطيني فيما يخص هذه الظاهرة؟
كوننا عرب فلسطينيين في الداخل الفلسطيني يصعّب من مسألة التعامل مع تلك الظاهرة، علاقتنا وتعاملنا مع مؤسسات الدولة والشرطة الإسرائيلية جعلنا لا نثق بها كطريقة لحل المشكلة، وأعتقد بأنه لا يمكن أن يكون حل حقيقي وتعامل جاد مع ظاهرة العنف -أيًا كان نوعها- بدون وجود سلطة نثق ونؤمن بها، لذلك علينا أن نجد لنا مكانًا في مساحات أخرى من العمل مثل لجان الصلح المحلية والتوعية المجتمعية.
المدينة: هل يمكن إيقاف العنف ضد النساء وكيف؟
برأيي الوعي هو الأساس، كسر التصورات المسبقة والصور النمطية حول النساء والرجال، العمل على إعادة مفاهيمنا حول الرجولة والأنوثة، وإعادة النظر إلى شكل العلاقات بين الأزواج وبين أفراد العائلة الواحدة من كلا الجنسين، العمل على إعادة مفاهيم “الشرف، العرض…” وثقافة الحياء والستر كثقافة إسلامية بالأساس غير متعلقة بجنس دون آخر، العمل على نشر الحكم الشرعي تجاه تلك التصرفات بشكل أكبر، هذا هو الأساس. كذلك تعامل المجتمع مع المجرمين والمعنِّفين من الرجال بالإقصاء والرفض والمقاطعة قدر الإمكان هو سبيل لتفعيل السلطة المجتمعية.
المدينة: خلال احداث العنف الاخيرة نجد ان مؤسسات مثل الشرطة وملاجئ النساء المعنفات لم تكن حلا للمشكلة، لماذا برأيك؟
أعتقد لهذا علاقة كبيرة بوضعنا كعرب في الداخل الفلسطيني، طبيعة علاقتنا مع الشرطة، وطبيعة علاقتنا أيضًا مع مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات النسوية. العلاقة السيئة مع الطرفين جعل المجتمع لا يتقبل هذه الحلول، كونها غير ملائمة وطنيًا أو ثقافيًا للمجتمع العربي. بالتالي علينا العمل على إنشاء مراكز وأطر مختلفة تتعامل مع ظاهرة العنف ضد النساء بما يلائم ثقافتنا في المجتمع العربي.
المدينة: ما هي النصيحة التي تقدمينها لامرأة تعاني العنف؟
الحقيقة أن التنظير سهل، وكلنا يكتب وينظّر ويبدي النصائح من الأعلى، ولا أحد يعلم حجم المعارك التي ستخوضها امرأة معنّفة في حال اتبعت “إرشاداتنا”، لكن نصيحتي ألا تخشى من الإقدام على خطوة ممكن أن تساعدها في حل مشكلتها وفق إمكانياتها، أن تفكر في كل احتمال برويةٍ وتأن لما تتحمله طبيعة نفسها. من الصعب القول بأن هناك حل لجميع المشاكل فظروف الناس تختلف، وقدرتهم على الإقدام على خطوات معينة أيضًا مقترن بمدى قوة شخصيتهم ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي.
المدينة: هل هناك أزواج معنَّفون؟
نعم، وقلة من يتحدث عن هذا لأسباب كثيرة، وللأسف يُصوَّر العنف ضد الرجال بسخرية مقززة حتى في جرائم القتل التي تمارسها نساء ضد رجال، ومن يلاحظ ردود الفعل حول تلك الأخبار فهي أكثر بشاعة من ردود الفعل تجاه الجرائم ضد النساء، هذا عدا عن التبرير البشع لقتل الرجال الذي أصبح يتعدى مؤخّرًا التبرير المجتمعي لرجل يقتل امرأة من عائلته مثلًا.
المحامي سرور محاميد: الضغط على المحكمة
يجعلها تتعامل مع الأشخاص كأرقام
أحد الاطراف الذين وجّهت إليهم أصابع الاتهام في الآونة الأخيرة، هي المحاكم الشرعية بدعوى عدم منع حالات العنف. لفهم حدود صلاحية وإمكانيات هذه المحاكم، تحدثنا مع المحامي سرور محاميد، متخصص في القضايا الشرعية والشؤون الاجتماعية.
المدينة: هل تتعامل المحاكم الشرعية مع النساء المعنفات بشكل مختلف عن غيرهن؟
لا بد أن نوضح بداية أن حديثنا هنا عن دعوى النزاع والشقاق، يمكننا القول إن السبب عادة يكون العنف الزوجي، مع أن هناك أسباب أخرى، لكن اليوم نرى أسبابا جديدة تتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي والخيانات الزوجية. عندها تبعث المحكمة حكمين يحاولان إصلاح ذات البين، وإن تعذّر ذلك، فيقدّمان تقريرا للمحكمة حول ما توصلوا إليه. لكن للأسف بسبب الكم الهائل من الدعاوى التي يجب على المحكمة التعامل معها، فإنها تتعامل بشكل تنفيذي مع الحالات، وتضطر للتعامل معهم كأرقام وليس أشخاص. في هذه الحالة يجب أن تتشكل قناعة لدى المحكمة بأن هناك فعلا نزاع وشقاق لبعث حكمين بين الأطراف.
المدينة: كيف تتشكل هذه القناعة؟
عن طريق عرض قرائن، أي بينات أوّلية، مثل دعوى سابقة في الشرطة أو حكما بالإبعاد أو الحماية، صدر من محكمة شؤون العائلة أو المحكمة الشرعية نفسها. لكن من المهم أن نفهم أن الحديث هنا ليس عن محكمة جنائية، فليس لديها الصلاحية للإجراءات القضائية بحق الطرف العنيف. طبعا إذا تصرف أحد الاطراف بشكل عنيف أمام المحكمة يمكنها تجريمه.
أمر آخر مهم، هو أن للمحكمة الشرعية صلاحية للبت في أوامر الحماية إذا كانت هناك خطورة على أحد الطرفين، فتصدر المحكمة أمرا يمنع الطرف الآخر من دخول بيت الزوجية. بالإضافة لذلك، يمكنها البت في شؤون المشاهدة وحضانة الاولاد في حالة تحقير قرار المحكمة.
المدينة: هل هناك أيضا عنف ضد الرجال من قبل النساء في هذه المرحلة؟
نعم هناك عنف على شكل حرمانهم من رؤية الابناء وجعل دورهم يقتصر فقط على دفع النفقة. نجد الكثير من الحالات فيها تستخدم الام الابناء كرهائن لإذلال الاب وتعنيفه، خاصة في ظل ميل المحاكم للحكم بحضانة الاطفال للأم عادة. هذا هو العنف بعينه يسبب المشاكل، والمزيد من العنف في المجتمع مع أن رؤية الاب من الحقوق المقدسة للقاصر قبل أن تكون حقا للاب.
المدينة: نسمع أن الاب يبقى وصيا على أطفاله حتى لو كان قاتل أمهم، هل يمكنك إفادتنا بهذا الشأن؟
من المفروض أن يكون الاب والام هما الوصي الطبيعي والشرعي للقاصر، هناك حاجة لرفع دعوى لنزع الوصاية من أحد الطرفين إذا ثبت أنه لا يقوم بواجباته كوالد.
الحاجة فتحية اغبارية: أقسام الرفاه في السلطات المحلية
تفعل كل ما باستطاعتها
عامل إضافي وجّهت إليه أصابع الاتهام في التقصير، كان أقسام الرفاه الاجتماعي في السلطات المحلية. لاستيضاح موقف اقسام الرفاه تحدثنا الى الحاجة فتحية اغبارية، مديرة قسم الرفاه الاجتماعي في بلدية أم الفحم.
المدينة: في الفترة الاخيرة ظهرت ادعاءات أن اقسام الرفاه مقيدة اليدين في مجتمعنا، ما هو تعقيبك على هذا الادعاء؟
أقسام الرفاه الاجتماعي فيها عمال وعاملات اجتماعيات مهنيون جدا ومؤهلون للتعامل مع عدة حالات. هؤلاء العمال الاجتماعيون يمكنهم المساعدة فقط إذا كان الزوج والزوجة على استعداد لتلقي هذه الخدمة، لكن إذا لم يكن هناك استعداد للتغيير فلن نتمكن من المساعدة. مؤخرا نرى تغييرا في مجتمعنا العربي خاصة في الاستعداد لتلقي المساعدة، فلدينا مجموعات داعمة أيضا للرجال من كل طبقات المجتمع.
المدينة: ماذا عن التوجه للشرطة؟ هل هو حل للعنف؟
نحن لا نشجع النساء للتوجه لأقسام الشرطة، لان معظم التوجهات للشرطة تنهي القضية بالطلاق. نحن نقنع المرأة أن تبقى لدينا لنجد لها وللأولاد حلًا. برأيي يوجد حلول وهي موجودة في أقسام الرفاه الاجتماعي، أنا ايضا لا أؤيد التوجه لمأوى النساء المضروبات لان الحماية مدة شهرين أو ثلاثة لا تفيد، من الافضل توجيه المرأة لتتواجد لدى أحد أقاربها.
المدينة: هل يوجد لدى طواقم الرفاه الاجتماعي أدوات تلائم تركيبة مجتمعنا؟
يوجد لدينا طواقم مؤهلة ترافق العائلات لمدة طويلة، وأحيانا نرافق العائلة لمدة سنوات. هذا طبعا إذا كان لدى الزوجين استعداد لتلقي المساعدة.
المدينة: تتحدثين عن ضرورة التعاون ايضا من الزوج، وماذا إذا رفض الزوج التعاون؟
في هذه الحالة فواجبنا أن نساعد المرأة لاتخاذ قرار، لكننا لا نتخذ القرار بدلا منها. من المهم معرفته أن استمرار العنف يبقي الابناء في إطار مؤذٍ ويسبب تعقيدات نفسية للأولاد. مثلا قبل بضعة أيام حضرت استجوابا لطفل من عائلة تعاني العنف، واتضح أن الطفل يتناول الادوية النفسية لكي يتمكن من التركيز، هذا أمر خطير جدا جعلنا نضطر لإخراج الطفل من عائلته حتى يتخذ الوالدان قرارهما بالعلاج أو الاستمرار كما هما.
في النهاية، لا بد من التنويه أن معدّة هذا التقرير تعلم جيدًا أن بعض القراء ربما بحثوا عن قصص محزنة، عن شهادات لنساء معنفات، ربما بحثوا بين هذه الكلمات عن قصة معبّرة يمر عليها كما يمر على حلقات في مسلسل. كان من السهل جدًا إعداد تقرير يلامس قلوبكم ويعصر بعض الدموع، ومن السهل التوجه لأهل ضحية للحديث معهم. لكن نحن هنا لسنا نهدف لزيادة عدد القرّاء ولا لتسليتهم، نؤمن أن العنف ليس مسلسلا نشاهده بل ظاهرة نحاربها ونجد حلولها، والحلول لا تأتي بالبكاء وإثارة العواطف دون علم وفهم وفعل.