العودة إلى المدارس من المنظور النفسي للأطفال
سندس جبارين- مختصة نفسية، قسم الخدمات النفسية في بلدية أم الفحم
تعدّ العودة الى المدارس خطوة مهمة، ونأمل انها في موضع ترحيب. ولكن من المرجح أن لدى الجميع العديد من الاسئلة والتخبطات فيما يخص عودة الاطفال إلى مقاعد الدراسة.
إن أول القرارات والاجراءات لدى الطلاب عند عودتهم الى المدارس تتسق بالتباعد الاجتماعي، وهي ضمان ثقة الاهل في اعادة الطلاب الى المدرسة. يجب أن نذكر أن الاطفال سوف يتعاملون مع التوتر الناجم عن الازمة الجارية على نحو مختلف من تعاملك انت مع التوتر، لذلك لا بد من ذكر النقاط التالية:
1- ينبغي على الأهل أن يهيئوا بيئة داعمة وراعية، والاستجابة الى اسئلة الاطفال وتعبيراتهم بإيجابية.
2- عليك إظهار الدعم وأن تجعل طفلك يعلم بأنه لا بأس من الشعور بالإحباط والقلق في مثل هذه الاوقات، بل إن هذه مشاعر طبيعية ويجب أن يتفهم الاهل شعور الاطفال بالقلق والغضب. فتعاطفك ودعمك إياهم يمثّل السلوك الصحيح في هذه الحالة.
3- ساعد طفلك بالالتزام بالروتين اليومي، فالأطفال بحاجة الى مخطط، هذا هو الهدف، وما علينا فعله وبسرعة هو أن نضع خططا ليمضي كل منا يومه على النحو الصحيح. سيرتاح الاطفال كثيرا إذا كان يومهم مخططا، يعرفون متى عليهم أن يعملوا ومتى يستطيعون أن يلعبوا. ومن المهم أن نطلب منهم أن يساعدونا في وضع هذا المخطط، خاصة جيل 11-15 عاما. كما يجب جعل التعلم مرحا من خلال دمجه بالأنشطة اليومية كالمشي، الطبخ، الألعاب.
4- أكّد مرارا وتكرارا لأطفالك أن المرض الناتج عن العدوى بالفيروس سيكون متوسطا لأعراض، ويمكن علاجها. وذكّرهم أن هناك العديد من الاشياء المجدية التي يمكن أن نفعلها للحفاظ على أنفسنا وغيرنا آمنين، كغسل اليدين، عدم لمس الوجه والتباعد الاجتماعي.
5- تفحص ما يسمعونه: هناك الكثير من المعلومات المضللة التي يتم تداولها في هذه الايام عن جائحة كورونا. إذا ما أخذ الاطفال معلومات غير دقيقة، ونحن كأهل نجهل ما يدور في خلدهم ولم نصحح ما تلقوه، فإن هذا سيضر بهم. تأكد مما يعرفه أطفالك لتجعل منه نقطة انطلاق لتضعهم على المسار الصحيح، وإذا كان لديهم أسئلة أنت لا تدري ما الإجابة عليها، فعوضا عن التخمين اكتشفوا الإجابة معا.
6- التهاون والحدود والسلطة الوالدية التي تنتقل للمعلمين بسبب الفراق تنتج صعوبة عند الطلاب. هذا يتطلب استعادة السلطة ووضع الحدود ضمن الامكانيات.
7- موضوع الفطام عن الشاشات أمر مهم بعد فترة اضطر فيها الاطفال إلى التعلم عبر الشاشات لساعات متواصلة. فهناك احتمال لظهور بعض عوارض التعلق بالأجهزة الالكترونية.
بعد عرض هذه النقاط لا بد من الحديث عن طلبة الصف الاول الذين يخوضون تجربة استثنائية في ظل الظروف الراهنة. فإن أهم تجربة في حياة الاطفال هي الدخول الى عالم المدرسة، وكما هو متبع في أعوام سابقة فالأطفال يحتفلون، يجتمعون، يلعبون، وكل مظاهر البهجة والفرح تلازمهم بصعودهم إلى الصف الاول. لكن هذا العام تغيبت أجواء البهجة والاحتفال المميزة والخاصة في الحفاوة وتهدئة النفس، لشعور الطلاب بالاغتراب. إلا أننا نعيش حالة من الحيرة والخوف والقلق. فالصعود للصف الاول تعتبر تجربة مربكة في الوضع الطبيعي، إلا أنها ازدادت توترا هذا العام، حيث يعتبر الانتقال للصف الاول في الظروف الحالية انتقالا ثانويا من حياة بيتية مكثفة الى بيئة تعتبر غريبة من وجهة نظر الاطفال. فالعلاقات الاسرية في هذه الفترة التي تتسم بالتعلق المفرط اسست ظروفا حياتية مختلفة، قد تصعب على الاطفال الاندماج في هذه المرحلة والتي تعتبر بطبيعة الحال فترة انتقالية صعبة.
لكل هذه الاسباب، على الطواقم في المدرسة التفهم والحديث عن المرحلة الانتقالية التي يمر بها الطالب بسبب بلبلة اللغات، البيتية والمدرسية، والتي تتمثل في تغير سريع للبيئة والقوانين التي يتواجد بها الطالب. حيث من المهم مشاركة الطلاب مشاعرهم بكل فترة الاغلاق والتدرج نحو البيئة المدرسية.
أخيرا، نحن مرآة أطفالنا منها ينظرون إلينا، ويعتمد الاطفال على والديهم للإحساس بشيء من الأمان والاطمئنان. ومن المهم أن نذكر أنهم الركاب في هذه المحنة ونحن من نقود العربة، وعليه وإن شعرنا بالقلق والاحباط فيجب ألا يتسرب هذا الشعور إليهم فيعيق شعورهم بالأمان أثناء رحلتهم.