العودة للمدارس: الاشتياق وتحديات الدراسة في “زمن كورونا”
عائشة حجّار
عاد، بداية الاسبوع المنصرم، طلاب الصفوف الاولى حتى الرابعة الابتدائية الى مقاعد الدراسة، وذلك بعد شهرين من تأجيل افتتاح السنة الدراسية.
بهذه المناسبة تحدثت صحيفة “المدينة” الى مديرة مدرسة الخنساء في أم الفحم، المربية خالدية محاميد، للاطلاع على أجواء العودة الى المدرسة.
تصف المربية خالدية الاجواء في المدرسة بأنها “أكثر من رائعة، مشجعة، أجواء سعادة وفرح ولهفة. ثمة شوق كبير لدى كل من الطلاب والمعلمين. أجواء كلها فرح وزينة وضحكات كأنه عيد”.
إلا أن هذه الاجواء لا تخلو من التحديات فتقول: “رغم لهفة الطلاب للتعلم، ورغبتهم، إذ يطالبون المعلمين بالبدء بالدرس والكتابة وفتح الكتب، وذلك حين يبدأ المعلم الدرس بمحادثة عاطفية. الا أن التحديات كبيرة جدًا، اذ واضح جدا، كون الطلاب الذين تعلموا عن بعد غير متمكنين من المادة كما يجب”.
تأثير “زووم”
تذكر المربية خالدية أن التعليم عن بعد قد ترك أثره على الاوضاع في المدرسة فتقول: “ثمة فجوات واضحة بين الطلاب الذين شاركوا بالتعلم عن بعد، وبين الطلاب الذين لم يشاركوا. ولا شك أن مراعاة الفروق الفردية، والتعليم وفقا لحاجات الطلاب، كان مطلوبا واساسيا قبل جائحة كورونا، إلا انه بات أكثر إلحاحا الآن، ولا يمكن التغاضي عنه”. تضيف: “كذلك بعد أشهر من التعليم عن بُعد، أصبح دمج التكنولوجيا، والمهارات الالكترونية مطلبا لا يمكن التراجع عنه. وأمر ثالث، هو كل ما يتعلق بالجانب الاجتماعي والعاطفي، ودمجهما خلال الحصص، حيث لا يمكن تمرير حصة بنجاعة بدون التطرق لهذين الجانبين”.
خسارة المواد التعليمية
أمّا عن الوضع الدراسي لدى الطلاب فتخبرنا المربية خالدية أنه “لا شك أنّ الطلاب خسروا قسما من المادة، لذلك لا زلنا إلى اليوم نراجع ونعوّض المواد التي لم يتعلمها الطلاب منذ شهر آذار الماضي. علما أن الوزارة قلّصت من المنهاج بنسبة 20%”. إلا أنها تؤكد إمكانية التغلب على هذه العقبة وذلك “نظرا لكوننا نعمل حاليا بنظام المجموعات الصغيرة. وتوفر عدد من الساعات التي تدعم الطلاب الذين لم يشاركوا بالتعلم عن بعد. ولكن طبعا المسألة تحتاج الى تخطيط عميق، مسح لمستوى أداء الطلاب، الموارد المتوفرة، توزيع الموارد، التعاون التام والتخطيط المشترك بين المعلمين”.
تضيف محاميد: “كذلك لا بد من مواصلة التعليم المدمج، اي يستمر المعلم بتنزيل المواد المختلفة والانشطة التفاعلية عبر الصفوف الافتراضية، لتكون عوامل مساعدة للطالب”.
الجوانب الأخرى لـ “كورونا”
تتحدث المربية خالدية عن آثار أخرى غير التعليمية تلمسها لدى الطلاب: “لا بد من الإشارة الى أهمية الجانب الاجتماعي، لا أبالغ إن قلت إن فرحة الطلاب للمدرسة مرتبطة كذلك بالعودة الى أصدقائهم، والى اللعب، المرح. وقد عبر عن ذلك طلابنا بوضوح، عبّروا عن اشتياقهم لأوقات اللعب مع الاصدقاء والأحاديث”.
كذلك تطرقت محاميد إلى الجانب الصحي بقولها: “نقطة جديرة بالاهتمام من قبل المدارس كي تعطى الاولوية، وهي الجانب الصحي والحركة. التواجد داخل المنزل لفترة طويلة بعيدا عن الإطار المدرسي، أدى الى اكتساب بعض العادات التي تؤدي إلى السمنة مثلا، لذا من المهم والضروري الاهتمام بالجانب الصحي، إعطاء الطلاب الوقت للحركة، خلال الدروس أيضا”.
الفروقات الاجتماعية
حول تأثير الظروف الاقتصادية والاجتماعية على الطلاب، تقول المربية خالدية محاميد: “بالنسبة للطلاب من خلفيات اقتصادية واجتماعية صعبة هم الاكثر تأثرا، ولا بد للمدارس أن تعمل وفق معطيات دقيقة، وتحديد هؤلاء الطلاب، لمنحهم الموارد الخاصة بهم”. وتؤكد أن المدرسة تواكب كل طالب من خلال العلاقات مع أولياء الامور التي توطدت بشكل واضح خلال فترة التعليم عن بعد، ولذا لا بد من الحفاظ على هذه العلاقة، والتفكير بآليات للحفاظ على العلاقة واستثمارها للأفضل”.
وتختم المربية خالدية برسالة الى الاهالي والطلاب: “أنا شخصيا كمديرة، لا أنكر أن جائحة كورونا فيها الكثير من الألم وخسارة للطلاب، إلا أنها فتحت أمامنا عوالم جديدة، أدت بنا الى التفكير بالمستقبل واستغلال الفرص التي تكمن في الأزمات”.
جانب الأهالي
عن وضع أهالي الطلاب في أول أسبوع من الدراسة في المدارس الابتدائية، حاورنا السيدة إلهام محاجنة (أم لطالب في الصف الرابع)، والتي عبّرت عن شعورها بالفرح بعودة ابنها الى الدراسة. تقول محاجنة: “كانت فترة بقاء الطلاب في المنزل صعبة، فلدي ابن في الصف السابع، كنت أواجه صعوبة في مساعدته على التعليم عبر الزوم هو وشقيقه. كذلك عندي طفلة في صف البستان تحاول طوال الوقت ايضا تقليد اخوتها واستخدام الهاتف. كنت أبقى معهم حتى الساعة الثانية ولا ينجحون دوما في فهم المادة. فوق هذا كله كان الاولاد يستمرون في المشاغبة والشجار احيانا بعد الظهر”.
عندما بعثت ابنك للمدرسة، هل كانت لديك تخوفات من الناحية الصحية؟
تؤكد محاجنة “المخاوف موجودة طبعا، لكن كما يقول المثل “الخوف طرد الجوع”. الارهاق والصعوبة من العذاب الذي عانيت به بلا نظام، كل يوم كان مثل سابقه، ولم يكن هناك امل، كان الامر صعبا جدا. ما الذي يمكنني ان افعل لابنتي في صف البستان طوال النهار؟ فترة البقاء في البيت كانت فترة صعبة”.
ماذا عن خسارة المواد التعليمية؟
بالطبع خسر الاولاد الكثير من المواد التعليمية. تفقدت المواد التعليمية ووجدت أن ابني الذي كان متمكنا من الرياضيات والانجليزية، عندما بدأ التعليم عبر الزوم نسي الكتابة، حتى الاحرف، لأنه لم يعد يمسك القلم ويكتب، يتمرن على المواد التعليمية، أمّا الان فقد انقطع عن التعليم والعودة للوضع السابق ليست سهلة.
وكيف تجاوب الاولاد مع العودة للمدارس؟
بالطبع هم فرحون ومتحمسون جدا، الطفلة في صف البستان كانت جدا متحمسة وكان أخوها يقول لي كل صباح أنا اتمنى أن أذهب الى المدرسة أيضا، مللت من الزوم. كانت لديهم لهفة كبيرة للعودة الى المدرسة.