احذري!! يا وصية رسول الله
أميّة سليمان جبارين (أم البراء)
كما أننا لا نستطيع أن نغطي الشمس بغربال، فإننا لا نستطيع أن ننكر أن الإسلام الديانة الوحيدة التي كرّمت المرأة وأعطتها جميع حقوقها، فقد كرّم الإسلام المرأة أمًّا بل وفضّلها على الرجل بثلاث درجات فحين سأل أحد الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم: (قال من أحق الناس بصحابتي يا رسول الله، قال له الرسول: أمك، قال: ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك، قال ثم من، قال أبوك). ويكفيك شرفا أيتها المرأة أن شرّفك الإسلام فجعل الجنّة تحت قدميك: (الجنّة تحت أقدام الأمهات)، وكذلك فضّلها وكرّمها زوجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم) كذلك قال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
وقد كرّم الإسلام المرأة بنتًا وأختًا وحثّ على تربيتها تربية صالحة وجزاء ذلك الجنة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان له ثلاث بنيات يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن وجبت له الجنة) وقيل واثنتان يا رسول الله قال: واثنتان وقيل وواحدة يا رسول الله قال: وواحدة) ويكفينا معشر النساء فخرًا أننا كنّا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر مؤتمر عام ولقاء له مع المسلمين في حجة الوداع حيث قال في خطبته تلك: (استوصوا بالنساء خيرًا) بأمي وأبي يا رسول الله وكأنك كنت تعلم أنه سيأتي زمان (تُكسّر فيه القوارير) فلا رفق ولا لين، وإن حوادث القتل والعنف وأكل حقهن في الميراث خير شاهد على ذلك، لأن الذي يحكم تصرفاتنا وتعاملنا مع بعضنا البعض ليس الإسلام بسماحته وعدله إنّما ما يحكم علاقاتنا عبارة عن مجموعة عادات وأعراف لا تمت للإسلام بصلة لأن الثقافة المجتمعية باتت غريبة عن الدين، فلم نعد نعرف عن الإسلام إلا اسمه، فأصبح هنالك بون شاسع بين الخطاب الثقافي اتجاه المرأة وبين الخطاب الإسلامي الحق المأخوذ من القرآن الكريم والسنة النبوية، فأصبحنا نتخبط بين العرف والعقيدة وعلى رأي المثل (بين حانا ومانا ضاعت لحانا) لأننا لهثنا خلف سراب التحضر والتحرر والحرية الشخصية، فاختزلنا دور المرأة العظيم في الجسد والشهوة، وتم تسخيرها للإغراء والغواية والفتن، هكذا يريدون المرأة أن تكون، معول هدم للمجتمع والأسرة، لا أداة بناء، لذلك، اهتم الإسلام بالمرأة وكرّمها ورفع قيمتها فتجسدت الكثير من الشخصيات النسائية التي ننحني احتراما لها وفخرا بها، فلو رجعنا إلى الوراء إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم لوجدنا أن:
1- أول من آمن بالرسول ودعوته وناصره وآزره وقدم له الدعم المعنوي والمادي، هي امرأة، إنها السيدة خديجة رضي الله عنها فكانت نعم العون والسند للرسول صلى الله عليه وسلم.
2- أحبُ الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، امرأة، إنها عائشة رضي الله عنها، وهي كانت أول معلمة لنساء المسلمين بل وحتى للصحابة عليهم رضوان الله، لأنها تعلمت وتفقهت على يدي رسول الله وتحت عينيه.
3- أول شهيدة بالإسلام، هي امرأة، إنها سميّة بنت خياط أم عمار ابن ياسر رضي الله عنها.
4- أول طبيبة وجرّاحة في الإسلام امرأة إنها رفيدة الأسلمية صاحبة أول مستشفى وكان عبارة عن خيمة في مسجد الرسول لتطبيب الناس وكانت تعمل كذلك طبيبة ميدانية في المعارك لمعالجة الجرحى.
5- أول من ركبت البحر في الفتح البحري، أم حرام واستشهدت في المعركة.
6- ولا ننسى نسيبة بنت كعب، التي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة) عندما دافعت عن رسول الله، وهي من أول المجاهدات في سبيل الله، هي وخولة بنت الأزور وصفية بنت عبد المطلب وغيرهن ممن كن يجاهدن بأنفسهن.
هذا غيض من فيض لأمثلة نسائية تميزت في العهد النبوي سطرت سيرتهن بماء الذهب في تاريخ الإسلام العظيم، وكنّ من الأوائل في مجالات عدة، بل إنها تفوقت على الرجال بعد أن أعطاها الإسلام كامل حقوقها كحقها في العيش: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ) وحقها في الميراث، وحقها في التعليم، (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد خصص يوما أسبوعيا لتعليم الصحابيات الإسلام والتفقه فيه، فسمّي ذلك اليوم (بيوم النساء)، وحقها في الزواج والإنجاب و……. إلخ من حقوق أعطيت للمرأة لا يتسع المقام لذكرها، بل إن الإسلام قد ساوى بين المرأة والرجل في التكليف والتشريف والمسؤولية، بل جعل من المرأة كائنا مستقلا بذاته وجعلها شقيقة الرجل، أي بمحاذاته وليس أقل كما يدّعي أعداء الإسلام، فلو نظرنا باقتضاب إلى مكانة المرأة عند غير المسلمين لوجدنا أن المرأة عند الإغريق محتقرة ومهانة، واعتقدوا أنها رجس شيطاني، أما عند الرومان فكانوا يعذبون المرأة بحجة (أن ليس لها روح) أما الهنود فعندهم ليس للمرأة الحق في الحياة بعد وفاة زوجها ويجب أن تموت يوم موت زوجها، وتحرق معه وهي حيّة، أما نظرة اليهود للمرأة فإنهم يعتبرونها لعنة لأنها أغوت آدم وفي فترة الحيض لا يجالسونها ولا يأكلون معها، أمّا النصارى فهم أصلا لا يعتبرونها كائنا بشريا ولا وحشيا، إنما يعتبرونها الشيطان بذاته، أمّا في جاهلية العرب فكانوا يئدون الأنثى خشية العار والفقر، وليس لها حق الإرث، وكان تعدد الزوجات غير محدود، هذه بعض اعتقادات الأمم السابقة بالنسبة للمرأة، وحتى في عصرنا المعاصر وفي الدول التي تدّعي التقدم والتطور الحضاري، وتدّعي أنها أعطت المرأة كامل حقوقها، نرى أن هذه الدول لا تنظر للمرأة إلا من خلال جسدها وجمالها، فجعلت المرأة واجهة لإعلاناتها ودعاياتها التجارية، وجعلت منها ممثلة لأفلامها الإباحية واختصرت كل مقدرات المرأة وعقلها وذكائها، بالتفنن بالعري والفتنة، وتحولت المرأة من أداة بناء للأسرة والمجتمع، إلى معول هدم للأسرة والمجتمع.
نعم، هذه المرأة التي يريدون لكِ أن تكوني، وهكذا يستطيعون إخراجك من عز الإسلام إلى ذل الجاهلية، فإياك أخيتي وابنتي أن تستمعي لهم وترتضي المهانة بعد العزة. وآخر دعوانا أن صل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.