معاناة طلاب النقب في ظل جائحة كورونا
بيسان العقبي
يعاني طلاب النقب وتحديدا في البلدات مسلوبة الاعتراف، ظروفا صعبة وقاسية جراء التهميش الإسرائيلي وسياسات التمييز والحرمان، وقد زادت هذه المعاناة في ظل جائحة كورونا وإغلاق المدارس والمؤسسات التعليمية والانتقال إلى نظام التعلم عن بعد.
ضجيج يسمع، شجارات بين الابناء، أم ضائعة تهتف وتنادي على أبنائها، ولد يصرخ ويقول بأن الشبكة قد قطعت. كل هذا ما هو إلا مشهد في بيت من بيوت النقب، نقبنا الصامد الحبيب.
وباء انتشر بشكل مفاجئ وصادم، فكما نعلم جميعا أن هناك جائحة جديدة يمر بها هذا العالم، ولكن أصعب مرور وأصعب الظروف موجودة للأسف الشديد في نقبنا الصامد، من المعروف أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في النقب من أصعب الأوضاع في البلاد، نرى أن جميع المدارس متوقفة حاليا بسبب فيروس كورونا، وهذا يتطلب من الطلاب أن يتعلموا عن بعد. يا للسخرية!!، يطلبون منا أن نتعلم عن طريق الاجهزة الالكترونية ولا يوفرونها لنا، على عائلة لديها خمسة أولاد، أن توفر خمسة أجهزة حتى يقوم الابناء بالتواصل والتعلم عن طريق برنامج (زوم).
في القرى غير المعترف بها، (وأنا واحدة من سكانها التي أعيش الضائقة التعليمية والاقتصادية أيضا)، لا يتوفر لدينا شبكات انترنت ويخسر الكثير من أبنائنا العديد من المواد المهمة، حتى لو توفرت الشبكة ينقضي الدرس ويكون عبارة عن (هل تسمعني؟ معلمة لا أسمع!).
من المعروف لدى وزارة التربية والتعليم بشكل عام وللمدراء ومعلمي المدارس بشكل خاص، أن الوضع في النقب والقرى غير المعترف بها لا يسمح بأن تتوفر أجهزة تساهم في أن يتعلم ثلاثة أولاد في نفس البيت دروس (زوم) وفي نفس الوقت!! فكيف إذا كان هناك خمسة أولاد وما فوق؟!
تقول إحدى المعلمات، إن أحد الطلاب من قرية غير معترف بها، دائما يكون غائبا عن دروس الزوم، وفي أحد المرات قررت أن تتوجه المعلمة الى الاهل حتى يجعلوا هذا الطالب يدخل الى الحصة، هل تعلمون ماذا قالت الأم: (لدي سبعة أولاد، ثلاثة يتعلمون في الصفوف الابتدائية، وأربعة في الاعدادية والثانوية، ثلاثة منهم يتعلمون زوم في نفس الوقت ولا تتوفر لدي أجهزة تمكنهم من أن يتعلموا جميعهم، لذلك لا يدخل إلا ولد واحد من ثلاثة أولاد في البيت)، وأضافت الأم بحرقة: (إن الوضع في النقب كارثي، فلا يتوفر لدينا شبكات ولا حواسيب ولا هواتف بالكمية المطلوبة التي تغطي جميع أبنائنا ليتعلموا عن بعد، ولو كانت منطقة أخرى لرأينا أنهم سيوفرون (من تحت الارض) حواسيب وهواتف للأولاد) وقالت الام بسخرية: (كله ولا مستقبلهم) أمّا نحن فلا يهم مستقبلنا، أساسا حاضرنا مجهول وضائع، من يكترث لمستقبلنا؟
سيدة أخرى من سكان هذه القرى، لديها أربعة طلاب في الاعدادية والثانوية، وطالبان في الصفوف الابتدائية، طالبة جامعية، ضحكت السيدة وأضافت: وطالب صف روضة مطلوب منه اللقاء على الزوم.
سألتها: بداية، كم جهاز يتوفر لديكم في البيت؟ أجابت: هاتف وحاسوب واحد فقط!، وشبكة “واي فاي” غير نافعة، من الساعة التاسعة صباحا حتى الحادية عشر يجب على الجميع التواجد على الزوم، ما يقارب سبعة اشخاص في نفس الوقت ونفس الغرفة نظرا لعدم توفر الشبكة الا في هذه الغرفة. سألتها: كيف تستطيعين التوفيق بين أبنائك؟ أجابت بحزن: لا يوجد توفيق، أغلب الاوقات نسمع الشجارات بينهم، وكل ابن يظن أن له حق الاولوية في استخدام الجهاز، ونحاول قدر المستطاع أن تصل المادة إلى كل منهم عن طريق مسك الجهاز لمدة بسيطة جدا وأخذ المعلومات اللازمة، أكملت السيدة: لدي طالبة في الجامعة تستصعب التواصل مع المحاضرين لقلة توفر الشبكة، صديقاتها يبعثن لها بأنه تم مناداتها وسؤالها عن أشياء من قبل المحاضر. ضربت هذه السيدة كفا بكف: (ربنا يغير هالحال بأحسن منه).
هذه المعاناة لا تقتصر على هذه السيدة فقط، وإنما هي معاناة كل الامهات النقباويات المرابطات الصامدات الفاضلات المتمسكات رغم شظف العيش بأرضهن، وتحت خيامهن في هذه الظروف.
واجهت العديد من الشكاوى من الاهالي في النقب ولا ألومهم، فنحن وأبناؤنا غير مهمين كثيرا بالنسبة للجهات المختصة، فكما أن هناك شكاوى من الأهل، هناك أيضا معلمين من هذه القرى يواجهون هذه الظروف. لذلك علينا أن نقف يدا بيد طلابا، أهالي ومعلمين حتى نصل الى حل جذري وسريع لهذه المشكلة، نطالب من الجهات المختصة، أولا: توفير شبكة انترنت للقرى غير المعترف فيها، رغم أننا نسمع ونقرأ عن وعودها بتنفيذ هذه الخطوة، لكنها للأسف دائما تكون هباء منثورا، فهذه المرة نحن بحاجة فعلا للشبكة الالكترونية.
الحل الثاني: توفير حواسيب لكل أسرة بعدد أفرادها.
الحل الثالث: نطالب بكل تواضع من كل الخيرين وميسوري الحال من داخلنا الفلسطيني الذين اعتز بانتمائي إليهم، أن يمدّوا أهلنا في النقب الصامد ويساعدوهم بتوفير الحواسيب والألواح الرقمية، فلنا عناوين معروفة في النقب يمكن التواصل معهم.
الحل الرابع والأخير: نطالب من مدرائنا الأعزاء في نقبنا الصامد، خاصة في القرى غير المعترف بها أن يوفروا معلمين لبعض مضاربنا النائية والبعيدة عن قرانا السبع المعروفة للجميع، لمساعدة أبنائنا في هذه المضارب، الذين يفتقرون الى أبسط مقومات الصمود، فكيف بهم أن يتعلموا، ونحن نعلم يقينا أنه لا تتوفر لديهم الحواسيب وشبكات الانترنت.