المجلس الإسلامي للافتاء: حكم إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف
المجلس الإسلامي للافتاء
ذهب جمهور العلماء إلى القول باستحباب إحياء يوم مولده صلّى الله عليه وسلّم بالذكر والصّلاة عليه والمدائح والشكر والابتهالات، مع تأكيدهم على حرمة ممارسة البدع كما يقوم به البعض هدانا الله تعالى وإيّاهم للحق .
وقد عقد الإمام الحافظ السيوطي في كتابه “الحاوي للفتاوى” بابا سماه “حسن المقصد في عمل المولد” ، ذكر فيه : “إنّ ولادته صلى الله عليه وآله وسلم أعظم النعم، ووفاته أعظم المصائب لنا، والشريعة حثت على إظهار شكر النعم … ” انظر : “الحاوي للفتاوى” (ص193، طبعة دار الكتب العلمية)
واستدلّ الحافظ ابن حجر العسقلاني على مشروعية احياء ذكرى المولد النّبوي الشريف بما ثبت في الصحيحين : “أنّ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة فوجد يهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون، ونجّى موسى، فنحن نصومه شكرا لله ” .
حيث قال رحمه الله تعالى تعليقاً على الحديث : ” يستفاد منه فعل الشكر لله على ما منّ به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة.. إلى أن قال: وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النّبي صلّى الله عليه وسلم.. نبي الرحمة في ذلك اليوم، فهذا ما يتعلق بأصل عمله، وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة” .
وكذلك استحب إحياء ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم ابن رجب الحنبليّ في “لطائف المعارف” فيما لمواسم العام من الوظائف وبوّب باب ذكرى مولده صلّى الله عليه وسلّم (ص98) واعتبره من قبيل شكر نعمة الله تعالى .
وللامام الحافظ العراقي كتاباً في المولد النّبوي أسماه : “المورد الهني في المولد السني ” .
ومن العلماء الذّين صنفوا في المولد الشّريف أيضاً العلامة علي قاري حيث ألّف كتاباً أسماه : ” المورد الرّوي في المولد النّبوي ” ، وغيرها من المصنفات الكثر في هذا الباب .
ولا ننكر أنّ هنالك بعض أهل العلم لم يستحسن ذلك ولكن لم يبدّع ولم يفسق من يقول بالجواز كما نراه اليوم من البعض هدانا الله تعالى واياهم للحق ، أفلا يسعنا ما وسع أسلافنا من العلماء ؟! وننشغل في قضايا كبرى ملحة أخرى تتعلق بمصير ومستقبل الأمة !! لقد آن الأوان أن نركّز على المتفق عليه ويعذر بعضنا بعضا في المختلف فيه … عملا بالقاعدة الذهبية : ” لا إنكار في محل الاختلاف “