غموض بشأن حالة ترامب… معلومات ضئيلة وافتقار للشفافية
مر أكثر من 24 ساعة على دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى مستشفى والتر ريد، من دون معلومات واضحة عن وضعه، بالكمية كانت ضئيلة وبالمضمون افتقرت إلى الشفافية، بقيت في دائرة اللون الرمادي، لا مطمئنة ولا متشائمة، بين بين، والمستشفى العسكري هذا لا يدخله الطير. وإذا دخله لا يحظى بمعلومة إلا عبر فريق البيت الأبيض الموجود في المستشفى والذي اكتفى بإطلاق إشارات تحتمل التفسير المزدوج. لم يصدر عنه اليوم سوى تقرير طبي واحد أثار من التساؤلات أكثر مما أجاب عن الاستفسارات التي بقيت معلّقة.
وفي مثل هذه الحالة من الطبيعي أن تزداد الشكوك ويغلب الظن بوجود نية لحجب الحقائق، الأمر الذي فتح الأبواب للإشاعات والتخمينات التي سارع البيت الأبيض إلى تطويقها عبر ظهور الرئيس مساء السبت بفيديو تحدث فيه عن وضعه. بدا في المظهر كما في الحديث على درجة شبه عادية من التماسك، لكن علامات الإعياء كانت بادية على وجهه.
ومع ذلك وفي مقابل رسالة التطمين التي ابتغاها، لفت الرئيس بصورة مبطّنة إلى المخاطر المحتملة “خلال الأيام المقبلة”، معرباً عن أمله “بالعودة قريباً” إلى المعتاد. لكنه نأى عن تحديد الموعد كما عن لغة التهوين، بما يبطّن أن المسألة جدّية وأنه لم يعد من الجائز الاستخفاف بالفيروس.
بدأ النهار وانتهى بالالتباس، كان المفترض أن يقدم المؤتمر الصحافي الطبي الأول عند ظهر السبت إجابات شافية إن لم تكن كافية عن وضع الرئيس. لكن في النهاية بقيت الصورة مشوشة أكثر مما كانت عليه. طبيب البيت الأبيض شون كونلي تولّى لوحده من بين ثمانية من أطباء المستشفى كانوا بجانبه في المؤتمر عرض الحالة. أعطى صورة ملونة ومتباينة. ذكر أن إصابة الرئيس جرى اكتشافها قبل 72 ساعة، في حين كان البيت الأبيض قد أرجعها إلى 48 ساعة، ما استدعى اللفلفة وبالتالي زيادة البلبلة.
كذلك أنكر الطبيب تزويد الرئيس بأكسجين إضافي في المستشفى، في حين تبين أنه قد حصل تزويد بالأكسجين قبيل نقله إلى المستشفى، وإذ خفف من أهمية العوارض “البسيطة” التي عانى منها الرئيس أمس كالارتفاع الضئيل في درجة الحرارة، إلا أنه لفت إلى مخاطر “التقدم في السن؛ 74، وزيادة وزنه “. والتخوّف هنا هو أن المعالجة تتم بأدوية تجريبية، يقول الأطباء إن بعض الأجسام تستجيب لها والبعض الآخر لا يتجاوب معها لأسباب صحية متعددة.
ولهذا لفت كونلي إلى أن فترة اليومين القادمين ستكون “حاسمة”، إذ سيتبيّن خلالها مدى فعالية جرعات الأدوية التي تناولها الرئيس اليوم. والأوضح كان ما جاء على لسان المدير العام (كبير الموظفين) للبيت الأبيض مارك مادو الذي قال إن “الأيام القادمة حرجة وأننا لم ندخل بعد الطريق الواضح باتجاه التعافي التام”.
وثمة من تساءل عما إذا كان مثل هذا الكلام على غموضه والتباسه، ليس سوى انعكاس لشعور متزايد بأن “الحالة صعبة”. وربما كانت هذه الإشارات وراء تزايد الحديث عن احتمال وشروط وآلية انتقال السلطة إلى نائب الرئيس مايك بانس، إذا ما صار من المتعذر على الرئيس ممارسة سلطاته. وهذه مساحة ضبابية دستورياً لناحية تحديد مثل هذه اللحظة، في حال كان الرئيس على قيد الحياة لكنه غير قادر على النهوض بمهام منصبه. وسبق أن حصلت، في 1985 و2007، لكن لمدة عدة ساعات فقط كان خلالها الرئيس (ريغان وبوش الابن) تحت تأثير البنج أثناء عملية جراحية.
حتى الآن كل هذا مرهون بتطور حالة الرئيس، ولا يوجد سيناريو حتى اللحظة مرجح على غيره، كل شيء وارد وحتى أواخر الأسبوع المقبل بحسب الطبيب كونلي. لكن المخاوف غالبة في ضوء سرعة انتكاس صحة الرئيس وحالة الوجوم والارتباك المسيطرة على البيت الأبيض بخاصة وعلى واشنطن عموماً.