وحان جني الثمار
ليلى غليون
أخذت طبخة ما يسمى بقضية المرأة بالنضوج التدريجي، فالخطة تسير على أحسن ما يرام وإن كان سيرها بطيء ولكنه أكيد المفعول ولم العجلة؟ فالقوم يشتغلون بصبر عجيب ونفس طويل، ولا يستعجلون قطف الثمار قبل بدو صلاحها، ولكن الثمار بدأت بالنضوج، ليصبح الدين مرمى هدف، يشار اليه بأصبع الاتهام وتلتصق به مصطلحات من جنود ابليس بانه رمز الرجعية والصخرة الرابضة على صدر المرأة الخانقة لأنفاسها المكبلة لحريتها، المعيقة لتقدمها، النابذة لإنسانيتها وكرامتها، وعليه وحتى تتحرر المرأة وتتقدم في المجتمع والحياة فيجب أن تتحرر من الدين وتدك قيوده والا فستبقى في سجن الرجعية والتخلف الى الابد، وقد استطاعت الجامعة كما ذكرنا في الحلقة السابقة اشعال ثورة على الدين والاعراف ونجحت الى حد كبير في هذا الانقلاب القيمي الرهيب وذلك من خلال تشويه المفاهيم الدينية والطعن بها واعتبارها رجعية وتخلفا، واستبدال هذه المفاهيم بقيم من صنع جنود ابليس الذين تبنوا مشروع اختراق المجتمعات الاسلامية وتحويلها الى مجتمعات غربية بحتة، حيث بدأت مظاهر الاختلاط في الجامعة بين الشباب والفتيات تطفو على السطح تحديا للتقاليد البالية التي اعاقت الامة عن التقدم لا بل اعتبر هذا الاختلاط رمزا للتحرر والارتقاء، وعليه فان الحواجز التي تفصل بين الجنسين يجب ان تهدم عن بكرة أبيها، وبذلك فالشاب والفتاة اللذان لا يفصلهما حاجز نفسي او شعوري فانهما ينشآن بدون تعقيدات نفسية او شعورية، فينجحان في حياتهما وفي مجتمعهما وسيرتقي المجتمع تبعا لذلك ويتقدم بأفراد غير معقدين!! وهذه الدعوى الخبيثة وإن كانت لا تزال بصوت خافت هي تطبيق لنظرية المفكر اليهودي فرويد في المجتمع المسلم والتي تقول: (إن الكبت سبب للأمراض النفسية وان الغرائز الجنسية هي التي تسيطر على الانسان وإن الانسان لا يستطيع الوقوف أمامها وأن هناك عقداً تنشأ بسبب تصادم الغرائز الجنسية مع العادات والتقاليد والدين والأخلاق).
إذن الخطة القادمة، سقوط الأخلاق عن طريق كسر الحواجز بين البنين والبنات في الجامعات وانشاء العلاقات بينهم وحتى يتم ذلك وحتى تستطيع الفتاة لي الاعناق ولفت الانظار اليها فلا بد لها أن تستخدم وسائل الجذب، فهي يجب أن تكون رشيقة وانيقة وترتدي الازياء التي تظهر جمالها ومفاتنها وهذه المشكلة محلولة فمثل هذه الأزياء أصبحت رائجة في محلات الالبسة النسائية في المجتمع المصري، كذلك يجب أن تتكسر في مشيتها وتتغنج في كلامها وتخلع عن عينيها تلك النضارة السوداء المسماة (غض البصر)، إذ ليس من” الايتيكيت” ولا هو من التحرر ولا من المساواة أن تمشي الفتاة وعيناها في الارض فهي فتاة عصرية واثقة من نفسها، مساوية للرجل فلماذا غض البصر؟! وهذه ضربة أخرى لأصل من أصول العقيدة الاسلامية التي أمرت الرجل والمرأة بغض البصر لقوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن). باختصار بدأ ثوب الحياء يتمزق شيئا فشيئا وأخذت عدسات كاميرات الصحافة تشهد على هذا التمزيق وأصبحت الصور النسائية المتهتكة تتصدر اغلفة الصحافة والمجلات النسائية، كذلك ظهرت في هذه الفترة وسائل اعلامية أخرى كان لها الدور البارز في تفعيل (قضية المرأة) وامدادها بالوقود اللازم لدعم مسيرتها واستمرارها حسب المخطط الذي رسمه المخططون، من هذه الوسائل الاذاعة والسينما والمسرحية وكتابة القصة وغيرها من الوسائل الفعالة التي استخدمت في قضية المرأة لأجل تحقيق الهدف الاعظم وهو اخراج الامة من ثواتبتها وأصولها، فبدأت تبث الأفلام والمسرحيات والقصص التي ركزت على العلاقة بين الشاب والفتاة ووقوعهما في شباك الحب والغرام وتمرد الفتاة على العادات والتقاليد وسلطة الاهل وتفكيرها بالهروب مع الصديق والحبيب اذا ما حاول الاهل الضغط عليها لا بل استسلام الاهل لسياسة الامر الواقع وخضوعهم لرغبات ابنتهم التقدمية وفي ذلك كتب احسان عبد القدوس: (انني اطالب كل فتاة أن تأخذ صديقها في يدها وتذهب الى أبيها وتقول له: هذا صديقي) ناهيك عن ثورة الأغاني الخليعة التي باتت تسمع في كل مكان وفي كل حين، واغراق المجتمع بالمطبوعات التي تدندن على نفس موضوع العلاقات الغرامية والاف الصور العارية في الصحف والمجلات والتلفزيون وآلاف الاجساد العارية في الشوارع، في المتنزهات، في وسائل المواصلات، في شواطئ البحار وغيرها، وفي خضم هذا الطوفان الجارف من الفوضى الاخلاقية بدأت عرى الدين بالانفصام تدريجيا ولا حول ولا قوة الا بالله.
فإلى أين وصلت (قضية المرأة) وهل وقفت عند هذا الحد؟! سيكون لنا وقفة عند هذا الموضوع في الأسبوع القادم، إن شاء الله.
(هذه السلسلة تلخيص لكتاب “قضية المرأة” للأستاذ محمد قطب مع بعض التصرف).