خبراء أتراك: بصمات بوتين وماكرون بهجمات أرمينيا
ذكر محللون أتراك، أن هناك بصمات روسية وفرنسية في الهجمات التي شنتها أرمينيا على قرى أذربيجانية مؤخرا، وتصعيد التوتر في إقليم قره باغ.
وقال الكاتب التركي، عبد القادر سيلفي، في مقال على صحيفة “حرييت”، إن أرمينيا لا يمكنها تنفيذ الهجوم دون علم روسيا، مشيرة إلى أن موسكو تحرض يريفان من جهة، ومن جهة أخرى ترى أنه لا يمكن الحصول على نتائج باستخدام الوسائل العسكرية.
وأشار إلى أنه بعد مباحثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، أعلن الكرملين قلقه بشأن التطورات في المنطقة، لافتا إلى أن التصريحات جاءت بعد سيطرة أذربيجان على قرى عدة في قره باغ.
بصمات ماكرون وبوتين
ولفت إلى أن هناك بصمات فرنسية أيضاء وراء تصعيد التوتر على الحدود بين أذربيجان وأرمينيا، فبعد أن فشل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتحريض اليونان، قام بتنشيط بطاقة أرمينيا، ويحاول بلعب لعبة مماثلة هناك بعد شرق المتوسط.
واستدرك، أنه عندما يتعلق الأمر بأرمينيا، فإن اللاعب الرئيس هو “بوتين”، موضحة أن الرئيس الروسي الذي دخل في مأزق بليبيا لعب ورقة أرمينيا، ولكنه رأى أن رئيس الوزراء الأرمني باشينيان الذي غلبت طموحه عقله سيجلب العار ليس لنفسه فقط وروسيا أيضا.
وأضاف أن هذا الحدث أظهر مرة أخرى أنه من المستحيل خلق الوضع الراهن في المنطقة دون البلدين الرئيسيين، تركيا وروسيا.
وأوضح، أن تركيا في خطواتها في منطقة القوقاز، كانت تأخذ دائما بعين الاعتبار للموقف الروسي، وتفضل التعاون معها بدلا من التصادم، إلا أن موسكو لم تعامل بالمثل، مشيرة إلى أن “بوتين يحتاج إلى فهم ذلك جيدا، خاصة بالنسبة للتحركات الفرنسية وأصابعها بالمنطقة”.
توقيت الهجوم.. رسالة لتركيا؟
ورأى أن الاعتقاد بأن الهجوم الأرمني يستهدف أذربيجان فقط تعد قراءة غير مكتملة، مشددة على أن الهدف منه أيضا تركيا.
وأضاف أنه على الرغم من أن تركيا سعت للتقارب مع أرمينيا، لكن الأخيرة فضلت أن تبقى كبطاقة تستخدمها دول أخرى ميدانيا، وليست كدولة ذات سيادة.
وبشأن تطورات الميدان، لفت إلى أن أذربيجان بعد صد الهجوم الأرمني، والسيطرة على قرى عدة، أظهرت نفسها كقوة عسكرية مهمة.
وأضاف أن أذربيجان زادت قدراتها العسكرية بفضل تركيا، ما شكل نقطة تحول لها.
وحول توقيت الهجوم الأرمني، ربط سيلفي، ذلك بالانتخابات الأمريكية، موضحة أن اللوبي الأرمني يتوقعون من ترامب الذي قدم تنازلات كبيرة للوبي الإسرائيلي في عمليته الانتخابية، أن يقدم تنازلات أيضا للآرمن.
وأشار إلى أن أرمينيا هاجمت بالسابق منطقة قوفوز، والتي تعد مركزا استراتيجيا للطاقة والنقل بين تركيا وأذربيجان، والتي يمبر عبرها خطة سكة الحديد باكو-تبليسي-كارس، وخط أنابيب “تاناب”، الذي يزود تركيا بالغاز الطبيعي، وخط أنابيب النفط باكو-تبليسي-جيهان.
وأوضح أن ذلك الهجوم الذي تم صده، كان رسالة موجهة أيضا إلى تركيا.
ولفت، إلى أنه في حال قامت أرمينيا بشن هجوم على منطقة ناختشفان، فإن القوات التركية قد تتدخل بشكل مباشر.
وتابع، بأن “الأذرع المتصارعة” في شرق المتوسط ترغب بالانتقال إلى منطقة القوقاز، موضحة أن روسيا تريد القتال على أرض تعتبرها الأقوى من وجهة نظرها.
وأضاف، أن أذربيجان ستواصل حراكها على خط المواجهة ولن تكتفي فقط بالدفاع، وعليه يجب إجبار أرمينيا بالبدء بمفاوضات بشأن قاره باغ.
بدوره تساءل الكاتب التركي، اتشيتينار اشتيتين، في مقال على صحيفة “خبر ترك”، عن أنه كيف يمكن لأرمينيا، التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، مهاجمة أذربيجان التي تعد أقوى منها عسكريا بهذه السهولة؟.
وقال، إن هجوم أرمينيا الأخير على القرى الحدودية مع أذربيجان، وقع مباشرة بعد تمرين القوقاز 2020، والذي شارك فيه حوالي 80 ألف جندي روسي، وحوالي 1000 جندي من بيلاروسيا، وكذلك قوات من الصين وإيران وباكستان وأرمينيا وميانمار.
وشدد على أن الهجمات الأرمينية التي تحتل 30 بالمئة من الأراض الأذربيجانية، هدفها الأساسي تركيا.
وأوضح، أن أرمينيا تريد نافذة تركيا في القوقاز، بتحريض من روسيا والولايات المتحدة وفرنسا بالإضافة لإيران.
عقود الغاز مع روسيا
ولفتت إلى أن منطقة القوقاز هي جغرافيا معقدة مثل الشرق الأوسط بالمعنى العرقي والثقافي والديني، لذلك من الصعب التنبؤ كيف ستبدو البيئة هناك، لاسيما أيضا غياب الموقف الجورجي، وجغرافية المنطقة التي تسيطر عليها الجماعات السلفية التي تخضع لدعم من المملكة العربية السعودية.
وأضاف أن اثنين من عقود الغاز مع روسيا ستنتهي مع موسكو في عام 2021، وستقوم تركيا بتوريد عجز الطاقة من أذربيجان من خلال “تاناب”.
وأضافت، أن ذلك يعد سببا كافيا لروسيا لخلق عدم استقرار على خط الحدود بين أذربيجان وأرمينيا.
وشدد على أن التوتر في قره باغ، سيكون له تداعياته في سوريا وليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط.
من جهته قال الكاتب التركي، برهان الدين دوران، في مقال على صحيفة “صباح”، إن الضغط سيزداد على الطرفين للعودة إلى محادثات مجموعة مينسك في الأيام المقبلة.
وأضاف، أن “موقف أرمينيا العدواني هو الذي ترك محادثات مينسك غير مثمرة، وجعل الصراع المسلح خيار الحل الوحيد، ويريفان التي احتلت 20 بالمئة من أراضي أذربيجان في عام 1991، لم تمتثل لأربعة قرارات لمجلس الأمن الدولي تطلب منها إخلاء الأراضي المحتلة”.
منافسة بين تركيا وروسيا وفرنسا
وأشار إلى أن هذا الصراع في جنوب القوقاز في حالة قنبلة جاهزة للانفجار في أي لحظة، لافتا إلى أن دولا مثل روسيا وتركيا وفرنسا ستكون نشطة في منافسة القوة فيه.
ولفت إلى أن استئناف التوتر في قره باغ، بالوقت الذي انخفض فيه التوترات في شرق المتوسط، وبدء محادثات استكشافية بين تركيا واليونان يثير التساؤلات.
وأوضح، أن أول ما يتبادر للأذهان أن روسيا أرادت ربط يريفان بها بشكل كامل، والتي أظهرت (أرمينيا) علامات على كونها قريبة من الولايات المتحدة من خلال تأجيج الصراع الأرمني الأذربيجاني.
وتساءل الكاتب التركي، بعد سوريا وليبيا، ومع تصاعد التوتر بين أرمينيا وأذربيجان، هل تفتح موسكو مجالا جديدا للمنافسة مع أنقرة؟.
وأضاف، مؤخرا تشكلت فجوة جيوسياسية من ليبيا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط وسوريا والقوقاز، كما أن الانسحاب الأمريكي الجزئي وعدم قدرة الاتحاد الأوروبي على خلق سياسة خارجية يسهلان تحركات روسيا لسد فجوات جديدة في النفوذ.