مراقبون: العسكر في السودان يؤيدون التطبيع
كشف مراقبون سودانيون، أن المكون العسكري في المرحلة الانتقالية، يؤيد مسألة التطبيع مع المؤسسة الإسرائيلية، مقابل تخفيف العقوبات الأمريكية ورفع الخرطوم من قائمة الدول الراعية لـ”الإرهاب”.
وأكد المراقبون أن “هناك خلافات كبيرة بين المكونات الانتقالية بالسودان حول هذه المسألة”، وهو ما تمثل في لقاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في شباط/ فبراير الماضي، وما تبعه مؤخرا من رفض حكومة عبد الله حمدوك ربط التطبيع بقرار رفع البلاد من قائمة “الإرهاب”، وذلك خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للخرطوم.
يأتي ذلك في ظل تقارير إعلامية تتحدث عن وجود ضغوط إماراتية وسعودية كبيرة على صناع القرار بالخرطوم، للحاق بقطار التطبيع مع تل أبيب، من خلال استغلال الأزمة الاقتصادية الراهنة، والآثار الكارثية للفيضانات والسيول بالسودان.
بدوره، لفت السياسي السوداني عثمان ميرغني إلى أن “الحكومة الانتقالية رفضت طلبا من بومبيو بتطبيع العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب، ما قلل حماس الإدارة الأمريكية في قضية رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”.
“انفصام داخلي”
واستدرك ميرغني في تصريحات صحفية: “رسميا لا يوجد ربط واضح، لكن بناء على المعلومات التي رشحت، فإن الأمر بات في محل الشرط”، معتقدا أنه “ربما تحدث مفاجأة بمسألة قبول التطبيع، لسبب يتعلق بالأوضاع الداخلية السودانية والأزمة الكبيرة التي تمر بها البلاد”.
وذكر ميرغني أن مسار التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، فيه “نوع من الانفصام الداخلي السوداني”، موضحا أن “هناك علاقات واتصالات وتفاهمات مع الجانب العسكري داخل المجلس السيادي بالسودان، وهو قمة الجهاز الحكومي ورأس الدولة”.
وتابع: “لكن الحكومة المدنية مواجهة بعقبات تتصل بالحاضنة السياسية بقوى الحرية والتغيير، لأن بعض الأحزاب اليسارية لها موقف مبدئي يتصل بالعروبة والقومية العربية”، معتبرا أنهم “يمثلون حجر العثرة أمام مسار التطبيع”.
وبحسب ترجيح ميرغني، فإن “رئيس الوزراء عبد الله حمدوك نفسه، مقتنع بمسار التطبيع، لكنه محكوم بالتحالف السياسي الحالي الداعم لحكومته الانتقالية”.
من جانبه، قال الكاتب السوداني خالد الإعيسر إن “واشنطن أرادت مؤخرا استخدام ورقة التطبيع، لخدمة أهداف انتخابية”، معتقدا أن “هناك تيارات سودانية تناور في مسألة التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب”.
“صفعة حمدوك”
واستدرك الإعيسر في حديث صحفي: “لكن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو تلقى خلال زيارته الأخيرة للخرطوم، (صفعة) من الحكومة الانتقالية برفض التطبيع، ما انعكس بشكل واضح على قضية رفع السودان من قائمة الإرهاب”.
وأكد الإعيسر أن هناك تيارات داخل الحكومة الانتقالية بالسودان، يوجد لديها رغبة في التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، “وربما يضغطون بهذا السياق”، مضيفا أن “هذا يخلق تحالفات قد تؤدي إلى تفكك الحكومة”.
وتابع: “بحال تفككت الحكومة فإن ذلك قد يقود إلى اتخاذ قرار التطبيع”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن “اتفاقيات جوبا مع الحركات المسلحة، ربما ستنعكس أيضا على تغيير صناع القرار الحاليين بالسودان وعلى المشهد السياسي بشكل عام، وبالتالي إذا تغير المسؤولون فإن مسألة التطبيع غير مستبعدة”.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرّح خلال حفل توقيع الإمارات والبحرين لاتفاقيتي تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، بأن هناك خمس دول أخرى تدرس إمكانية التطبيع، دون الكشف عن أسماء هذه الدول.
وحضر هذا التصريح القائمة بأعمال سفارة السودان بواشنطن أميرة عقارب، التي شاركت بمراسم التطبيع بالبيت الأبيض، قبل أن يصادق ترامب رسميا الجمعة الماضي، على اعتماد أول سفير سوداني لدى واشنطن منذ 23 عاما، وهو السفير نور الدين ساتي.
يذكر أن حمدوك أبلغ بومبيو في 25 آب/ أغسطس الماضي، بأن حكومته لا تمتلك تفويضا، لاتخاذ قرار بشأن التطبيع مع إسرائيل، وأن مهمتها محددة باستكمال العملية الانتقالية، وصولا إلى إجراء انتخابات.
ونقلت صحيفة “اليوم التالي” السودانية عن خبراء قولهم إن “الاتفاق الإماراتي والبحريني برعاية واشنطن، خطوة من ضمن خطة متفق عليها منذ فترة طويلة”، متوقعين أن “تكون الدولة الثالثة في التطبيع هي السودان”.
ولفتت الصحيفة السودانية إلى أن “معظم الحاكمين الحاليين بالسودان يرون أن الطريق إلى الاستثمار وفتح الخزائن الغربية يبدأ من العلاقات مع إسرائيل، وأن ذلك هو الوصفة السحرية لحل المشاكل ومواجهة التحديات”، مستدركة بأن “البعض رأى أن هذا التصور غير صحيح”.