بعد احتجاجات الإسكندرية ومطالب الرحيل.. من يفهم أسرع: السيسي أم الشعب؟
رسالة واضحة حملتها احتجاجات الأهالي بمحافظة الإسكندرية، والتي أجبرت قوات الشرطة على التراجع وعدم هدم منازلهم، والمثير أن الرسالة تبدو واضحة للطرفين، سواء الشعب أو السلطة المصرية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
أمس الأربعاء، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مقاطع مصورة لأهالي منطقة المنشية في الإسكندرية وهم يتصدون لقوات الأمن التي حاولت هدم بعض المنازل في إطار الحملة الموسعة التي تقوم بها السلطات لهدم المنازل بدعوى مخالفتها وعدم قيام أصحابها بالتصالح مع الدولة عبر دفع غرامات مالية كبيرة، وهي الحملة التي أثارت غضبا شعبيا واسعا.
وقال نشطاء إن رسالة الإسكندرية واضحة وهي أن الشعب المصري إذا كسر حاجز الخوف فلن تستطيع السلطات الأمنية قهره، مستدلين بما حدث قبلها بيوم في منطقة الخانكة بمحافظة القليوبية، حيث تصدى الأهالي أيضا لقوات الشرطة وأجبروها على التراجع.
واعتبر مغردون أن ما حدث يمكن أن يكون نواة لاشتعال ثورة المصريين من جديد.
في السياق ذاته، قال آخرون إن رسالة هذه الاحتجاجات تبدو واضحة أيضا للسيسي وهي أن الحكم بالحديد والنار لن يدوم طويلا، وعليه أن يراجع سياسته قبل انفجار الشارع في وجهه، لكن البعض يرى أن السيسي لن يتراجع لأنها ستكون حال حدوثها خطوة أولى في سلسلة تراجعات كبيرة لن يستطيع السيسي تحملها مستقبلا.
ودعا إعلاميون موالون للنظام إلى مراجعة أو تخفيف إجراءات هدم المنازل بسبب غضب المصريين، وقال المذيعان المقربان من الأجهزة الأمنية أحمد موسى ومصطفى بكري إن هناك حالة غضب واسعة بين المصريين، وعلى الحكومة أن تحذر من خطورة ذلك على استقرارها.
وأعلن أمس رئيس الحكومة مصطفى مدبولي تخفيف بعض الإجراءات البيروقراطية لمن يريد أن يتصالح في مخالفات البناء، لكنها لم تكن كافية لتهدئة الغضب المتصاعد، خاصة مع تداول مقاطع مصورة لعمليات الهدم وطرد الناس من منازلهم.
ويأتي ذلك مع استمرار اشتعال مواقع التواصل بمطالب رحيل السيسي، حيث تصدر وسم “ارحل يا سيسي” قائمة الأعلى تداولا، وهو التصدر المستمر للأسبوع الثاني على التوالي، وذلك ردا على تصريحات كرر فيها السيسي استعداده للرحيل إذا طلب المصريون ذلك.
ومنذ تصريحات السيسي واستعداده لتنظيم استفتاء على بقائه، اشتعلت مواقع التواصل بمطالب رحيله وتعددت الوسوم المعبرة عن ذلك، على غرار “مش عايزينك” و”الشعب يريد إسقاط النظام”.
كما تصاعدت المطالب بالتزامن مع الدعوة للتظاهر في الذكرى الأولى لاحتجاجات 20 سبتمبر/أيلول الماضي التي دعا إليها الممثل والمقاول محمد علي، وشهدت مظاهرات نادرة في قلب القاهرة طالبت برحيل السيسي.
وقال مغردون إن مطالب رحيل السيسي هذه المرة لم تكن من المعارضين فقط، بل نطق بها أيضا مؤيدو السيسي ممن تضرروا من سياساته الاقتصادية والاجتماعية، والتي كان آخرها هدم المنازل بدعوى عدم الحصول على تراخيص قانونية.
ولفت البعض إلى أن تأخر نظام السيسي في فهم رسائل الغضب، جعل الاحتجاجات تتحول من المطالب الاقتصادية إلى هتافات سياسية وتصاعدت لتصل إلى مطالبة السيسي بالرحيل، وهو الهاتف الذي أصبح صداه يتردد بقوة في الشوارع المصرية، وذلك بعد أن كان مقتصرا على مواقع التواصل بسبب القمع الأمني.
ورغم الغضب المتصاعد والاحتقان الذي يعتقد البعض أنه على وشك الانفجار، فإن هناك من يرى أن التجربة المريرة منذ الانقلاب العسكري في صيف 2013، تشي بأن مواقع التواصل ربما تكون أيضا مجرد متنفس للغضب، حيث يكتفي المصريون ببث شكواهم وحزنهم إلكترونيا، ثم يعودون أدراجهم حيث دوامة البحث عن لقمة العيش تتصاعد قسوتها بمرور الوقت.