حقائق مثيرة.. هكذا تسلل الاحتلال للإمارات قبل 25 عاما
كشفت صحيفة إسرائيلية، عن الأساليب التي تسللت من خلالها تل أبيب إلى الإمارات قبل سنوات عديدة، مؤكدة أن اتفاقية التطبيع الأخيرة بين الجانبين جاءت بعد 25 عاما من الاتصالات الدبلوماسية الهادئة.
وأوضحت صحيفة “هآرتس”، العبرية في تقرير للكاتبة الإسرائيلية نوعا لنداو، أن “بيئة سياسية معقدة قادها الكثير من الأشخاص، وخطوات كثيرة، مهدت الطريق منذ سنوات من أجل الوصول إلى الاحتفال الرسمي الذي سيجري في البيت الأبيض، لاتفاق التطبيع مع الإمارات”.
وكشفت أنه “في الحالة الخاصة مع الإمارات، فإن 25 سنة من الجهود الدبلوماسية الهادئة، مهدت الطريق للتطبيع العلني، وخلافا للعلاقات مع الأردن ومصر، التي تجري في الغالب على أيدي جهات أمنية، فلقد بنت وزارة الخارجية بهدوء وبطء أيضا علاقات مدنية مثمرة موازية للعلاقات الأمنية”.
وبعد أن تم الإعلان عن اتفاق التطبيع، بعض ممن لهم علاقة بهذه العمليات يمكنهم التحدث عنها بحرية أكبر، وقال إلياف بن يمين، مدير التنسيق في مكتب مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، ومسؤول العلاقات الخاصة بين “إسرائيل” والدول العربية والإسلامية التي لا توجد لها علاقات رسمية معها: “كل شيء بدأ بأوسلو، وجاء شمعون بيرس وقال لنا افتحوا الباب أمام العالم العربي”.
وتابع: “هناك بدأت الاتصالات، وبدأنا الحوارات معهم في واشنطن ونيويورك وأبو ظبي بمباركة الشخصيات الكبيرة، رويدا رويدا وبهدوء، وتم تشكيل طاقم خاص وكنا على الخط معهم، معظم النشاطات كانت في البداية اقتصادية، كي ينمو من هناك المجال السياسي”.
تجارة الألماس
وكشف أن “الاختراقة سجلت في 2002 عندما أرادوا إنشاء بورصة للألماس، وشاهدوا في بورصة “رمات غان” النموذج، وأجرينا معهم محادثات حول ذلك، وعشرات التجار الإسرائيليين دخلوا في النشاطات هناك، وتم تسجيل أكثر من 40 تاجرا إسرائيليا هناك”، مضيفا: “في كل سنة هناك معرض للمجوهرات، ويمكن أن نرى فيه أيضا عددا من الإسرائيليين المتدينين”.
وتابع: “كانت هذه إحدى المحطات الأولى، كما قمنا بالاستثمار هناك في التطوير الزراعي وفي مجال المياه، حتى بعد قضية محمود المبحوح (قيادي في حماس تم اغتياله في دبي على يد الموساد) تحولت الأزمة إلى فرصة، في 2017 تم فتح ممثلية لنا في وكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجددة في أبو ظبي، وشمل ذلك لافتة وعلما في الداخل، وكل ذلك كان انطلاقة مهمة”.
ونبهت الصحيفة أن البعثة التي يرأسها دان شوحم بن حيون، رئيس البعثة الإسرائيلية لوكالة الأمم المتحدة في أبو ظبي الآن، الذي “قلل من ظهوره في وسائل الإعلام بسبب الحساسية في إقامة العلاقات، كانت موطئ قدم رسمية وعلنية أولى لإسرائيل في الخليج”.
ونبه بن حيون، أن حرص خلال الفترة الماضية، على أن تكون الممثلية “متشعبة، وعرضنا التكنولوجيا الإسرائيلية في مجال الطاقة المتجددة والبناء الأخضر”، مضيفا: “القدم الثانية لنا كدبلوماسيين كانت فهم الدولة والثقافة وسلم الأولويات لديهم وعما يتحدثون وكيف يتحدثون”.
صورة دقيقة
وأضاف: “الأمر المهم ليس فقط ماذا أريد، بل ماذا يريد الطرف الآخر، لذلك، حضورنا العلني على الأرض كدبلوماسيين إسرائيليين إلى جانب مجال العمل في الوكالة، ساهم في التعرف مباشرة ودون وسطاء على النظام الاجتماعي والاقتصادي، وكيفية اتخاذ القرارات في الدولة، كمراقبين لهم”.
ونبه بن حيون أن “فهم بعضهما ساهم في بناء الثقة المتبادلة قبل الخطوة التالية، وعندما تكون دبلوماسيا جديا ومهنيا، فأنت تبث لهم بأنه من الجيد الاستمرار، وقد رأوا بأنه يوجد لديهم حليف جدي، وكانت هناك صورة إسرائيلية دقيقة، وحضورنا سمح لنا ولهم بالتعرف بعضنا على بعض”.
وذكر أن “الفهم العميق لما هو مهم بالنسبة لهم ساعد على بناء الإطار لعلاقات ستمكن السفارة التي ستقام من أن تكون أكثر تركيزا. وعلى سبيل المثال، فهمنا كم هي مهمة لهم مجالات الأمن والغذاء والزراعة الصحراوية، وهذه المجالات هي القاعدة الآن لاتفاقات التطبيع القادمة، وهذه الخطوة مهمة لنا، وأعتقد بأنها مهمة لهم أيضا”.
أما بن يمين، فقد أوضح أن “التطبيع الحالي، هو وليد هذه الجهود واندماج للفرص التي نضجت، لقد أرادوا بمبادرة منهم المزيد من الحوار معنا، فمعاهد البحث لديهم، مثلا، أشركتنا في الحوارات الاستراتيجية، ومن هذا المجال الاقتصادي تم التقدم إلى الاتصالات السياسية والعلاقات الشخصية المباشرة والأفضل مع شخصيات رفيعة ورئيسية، وحتى زيارات سرية متبادلة، أو استشارات طبية ومعرفة حميمة”، مضيفا: “بيان التطبيع قبل 3 أسابيع لم يولد في الفراغ”.
ومع هذا التسلل الإسرائيلي السري في الإمارات، أشارت الصحيفة إلى وجود العديد من الأنشطة المكشوفة، من زيارات لبعثات رياضية إسرائيلية، وشخصيات إسرائيلية رسمية، ومشاركة في معرض “إكسبو 2020”.
برامج التجسس
وبصورة موازية مع هذه الأنشطة السرية والعلنية كافة، “ساعدت وزارة الخارجية نحو 500 شركة إسرائيلية على الدخول إلى سوق الإمارات، منها الكثير في مجال التكنولوجيا الأمنية؛ مثل شركة “إم.إس.أو” التي تسوق برامج التجسس”.
ولفت بن يمين، إلى أن “القيادة في إسرائيل، فهمت أن الرأي العام هناك مستعد (للعمل المشترك)، بعد الكثير من سنوات بناء البنية التحتية المناسبة، والناس هناك انتظروا فقط أن يتم فتح السد”، مؤكدا أن الغدارة الأمريكية “أدت دورا خلال السنين الماضية، وكانت لنا علاقات ممتازة مع السفراء الأمريكيين في الإمارات ومع سفيرهم في الولايات المتحدة”.
وردا على سؤال حول رغبة أبوظبي في شراء طائرات “إف35” والانتخابات الأمريكية على الأبواب، أجاب: “يمكن القول بأن اتفاق التطبيع اكتمل بعد أن اصطفت جميع النجوم في صف واحد، صحيح أن لهم رغبة في طائرات إف35، وهذا ليس أمرا جديدا، وصحيح أنه كانت هناك مسألة الضم، هل ستتم أم لا، وهناك زعماء يريدون عرض إنجاز، كل هذا صحيح، لكن كان هناك تراكم لأمور بعيدة المدى انتظمت”.
وزعم أن الموضوع الاقتصادي وتفشي وباء كورونا، “سرع من التعاون العلني”، مضيفا: “هذه أسس تبنى بصبر وهدوء خلال سنوات، من الأسفل إلى الأعلى، من أجل تهيئة النفوس في البداية، خلافا لما حدث مع الأردن ومصر”.
وفي نهاية حديثه للصحيفة، قال بن يمين: “نحن نؤمن بالخطوات من أسفل إلى أعلى، وببناء بنية تحتية، وهكذا تم خلق الأرضية الناضجة”، بحسب تعبيره.