عشرات الآلاف يتظاهرون في واشنطن احتجاجاً على العنصرية
تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص، الجمعة، في واشنطن، احتجاجاً على العنصرية، للمطالبة بإصلاحات عميقة تحقق المساواة، وبإنهاء أعمال عنف الشرطة ضد الأقلية السوداء في الولايات المتحدة، مرددين هتاف “كفى”.
وفي ذكرى مرور 57 عاماً تماماً على خطاب زعيم حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ “لدي حلم” في 28 أغسطس/آب 1963، تجمع هؤلاء المتظاهرون تحت شعار “ارفعوا ركبتكم عن رقابنا”، في إشارة إلى وفاة جورج فلويد الأميركي الأفريقي اختناقاً عند توقيفه تحت ركبة شرطي.
وتحدثت حفيدة مارتن لوثر كينغ، يولاندا كينغ (12 عاماً)، أمام المتظاهرين عن “المساواة الحقيقية”. وقالت بحماس “نحن الجيل الذي سيفكك العنصرية الممنهجة نهائياً”.
وبتأثر شديد، شكر فيلونيز شقيق جورج فلويد، المتظاهرين على تعبئتهم. وقال باكياً “كنت أتمنى أن يكون جورج معنا هنا اليوم ليراكم”، قبل أن يضيف بتفاؤل أن “التغيير يحدث لأننا نطالب به”.
لكن آخرين عبروا عن شعور ببعض المرارة. وقال أحد منظمي التظاهرة القس آل شاربتن أمام نصب ابراهام لينكولن الذي ألغى العبودية قبل قرن ونصف القرن، “تعبنا من الوعود التي لا تنفذ”. وفي الحشد المتنوع جداً، عبّر دون مارلايل، الرجل الخمسيني الأسود، عن الشعور نفسه بالإحباط. وقال لوكالة “فرانس برس”: “ننتظر المساواة منذ 300 سنة”. وأضاف: “تقنياً، شيدنا هذا البلد وما زلنا نعامل بطريقة جائرة”.
وهتف والد جاكوب بليك الذي أصيب بجروح خطيرة في شمال البلاد الأحد: “لا عدالة لا سلام”، بينما لم يتم توقيف الشرطي الذي أطلق عليه الرصاص ولا اتهامه حتى الآن. من جهتها، قالت ليتيترا ويدمان، شقيقة بليك، “أميركا السوداء أحمّلك المسؤولية”، مؤكدة أنه “يجب عليكم أن تنهضوا وتقاتلوا لكن من دون عنف أو فوضى”.
وعبّر أقرباؤه عن استيائهم لأن رب العائلة البالغ من العمر 29 عاماً وفقد القدرة على المشي، بقي مكبلاً بسريره في المستشفى حتى الجمعة. وقال جايكوب بليك الأب “هناك نظامان قضائيان في الولايات المتحدة، واحد للبيض وواحد للسود”.
وهذه المأساة أدت إلى تظاهرات تخللتها أعمال عنف لثلاث ليال في مدينة كينوشا، حيث قتل شخصان برصاص أطلقه شاب في السابعة عشرة من عمره على ما يبدو من بندقية هجومية، بعدما انضم إلى مجموعات مسلحة لحماية المحلات التجارية.كما أجج إطلاق النار على جاكوب بليك حركة احتجاجية غير مسبوقة في عالم الرياضة.
وقال نجل مارتن لوثر كينغ، الذي كان في سنته العاشرة عندما اغتيل والده “يجب أن نسير إلى صناديق الاقتراع للدفاع عن الحريات التي قاتلت الأجيال السابقة من أجلها بقوة”.
وفي تسجيل فيديو، وجهت كامالا هاريس، المرشحة لمنصب نائب الرئيس مع الديمقراطي جو بايدن منافس دونالد ترامب في الانتخابات، رسالة إلى المتظاهرين. وقالت: “لدينا فرصة لنترك بصمة في التاريخ، هنا والآن”.
“دفاع عن النفس”
في غضون ذلك، غرّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن احتجاجات كينوشا، قائلاً عبر “تويتر”: “كينوشا هادئة جداً لليلة الثالثة على التوالي، أو بالأحرى منذ ظهور الحرس الوطني. هكذا يتمّ الأمر، كلّ شيء بسيط للغاية. على بورتلاند، مع رئيس بلدية غير موهوب أبداً، طلب المساعدة من الحكومة الفيدرالية. إذا كانت الأرواح عرضة للخطر، فسندخل!”.
وانتشر نحو 150 من قوات الحرس الوطني في كينوشا، الخميس، في إطار جهد هائل لضمان الهدوء بعد عدة ليال من الاحتجاجات على إطلاق الشرطة النار على بليك، مما أثار اضطرابات أفضت إلى مقتل شخصين هذا الأسبوع.
وقال محامٍ بارز يدافع عن الصبي البالغ من العمر 17 عاماً، المتهم بقتل اثنين من المتظاهرين وإصابة آخر خلال التظاهرات، إن موكله تصرف من منطلق الدفاع عن النفس.
وأضاف المحامي لين وود ومقره أتلانتا، أن اللقطات المصورة للمشاجرة ستبرئ ساحة كايل ريتنهاوس، على الرغم من المعلومات الخاطئة التي تنشرها وسائل الإعلام على حد وصفه.
وقال وود عبر “تويتر”، أمس الجمعة، “كايل ريتنهاوس تصرف دفاعاً عن النفس. الاتهامات بالقتل لا سند لها في واقع الأمر. ويحدث إجهاض صارخ للعدالة بشأن هذا الصبي البالغ من العمر 17 عاماً”.
ويواجه ريتنهاوس، وفق “رويترز”، ستّ تهم جنائية منها القتل من الدرجة الأولى والشروع في القتل. ويقول الادعاء إنه قطع مسافة 50 كيلومترا إلى كينوشا من منزله في أنتيوتش بولاية إلينوي قبل إطلاق النار في حوالي الساعة 11:45 مساء يوم الثلاثاء.
ويتهم الادعاء ريتنهاوس بإطلاق النار من بندقية على ثلاثة متظاهرين حاولوا شلّ حركته، مما أسفر عن مقتل جوزيف روزنباوم البالغ من العمر 36 عاماً وأنتوني هوبر 26 عاماً.
وتستند الشكوى الجنائية إلى العديد من مقاطع الفيديو التي سجلها الشهود كدليل إدانة، ومنها مقطع يظهر فيه ريتنهاوس وهو ينادي صديقاً من مكان الحادث قائلاً “لقد قتلت شخصاً للتو”.
وأرجأ قاض من ولاية إلينوي أمس الجمعة تسليمه إلى ويسكونسن، في حين قام المتهم المراهق بترتيب فريق قانوني خاص. ولم يظهر ريتنهاوس حارس الإنقاذ السابق في جميعة الشبان المسيحيين، والمحتجز من دون إمكانية الإفراج عنه بكفالة في الجلسة التي بثت على الهواء.