أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

مالي.. “ديكو” يطيح بالرئيس كيتا ويعود لإمامة المصلين

صنع الإمام محمود ديكو (66 عاما) لنفسه اسماً في احتجاجات واسعة النطاق انتهت بإجبار إبراهيم أبو بكر كيتا على الاستقالة من رئاسة مالي، في 18 أغسطس/ آب الجاري.
ولا يزال ديكو أحد الأسماء البارزة في البلد الواقع غربي قارة إفريقيا، رغم إعلانه أنه لن يمارس السياسة، وأنه إمام وسيظل إماما.
والإمام ديكو هو أحد قادة “حركة 5 يونيو/ حزيران-تجمع القوى الوطنية في مالي” (M5 RFP)، وهي منصة المعارضة التي تحولت إليها الأنظار بعد أن أجبر جنود متمردون “كيتا” على الاستقالة.
ويوصف ديكو بأنه شخصية تتجاوز الحدود السياسية، ببعده عن التطرف وبلغته التي تستوعب كافة الأطياف، وبأسلوبه الذي يعطي الأولوية للقيم الأخلاقية.
ولد ديكو في مدينة تمبكتو عام 1954، وتوجه إلى موريتانيا ثم السعودية لإتمام دراسته، حيث أكمل تعليمه في جامعة المدينة المنورة، وعاد إلى مالي في ثمانينيات القرن الماضي.
تبنى ديكو، الذي عمل والده وجده في القضاء، الثقافة الإسلامية لغرب إفريقيا، وظل على مقربة من الفكر الصوفي، رغم ما تلقاه من تعليم في السعودية.
وهو معروف بخطاباته التي تؤكد على أهمية الوحدة، وقد أثر إيجابا في تشكيل المجتمع المحيط به في نواحي العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، إضافة إلى الخدمات الدينية.
وتم انتخابه رئيساً للمجلس الإسلامي الأعلى في مالي عام 2008، وشاع اسمه في البلاد بأكملها.
وخلال رئاسته للمجلس، توسط ديكو في إطلاق سراح عاصمي غويتا، زعيم المجلس العسكري الحالي، بعد أن تم القبض عليه من جانب الحركة الوطنية لتحرير أزواد، على الحدود المالية-الجزائرية في 2012.
وشغل ديكو منصب رئيس المجلس الإسلامي حتى 2019، وأسس حركة تنسيق الجمعيات والحركات (CMAS) في سبتمبر/أيلول من العام نفسه.

** من يخونون الشعب
في أغسطس/آب 2019، لعب الإمام ديكو دورا حاسما في استقالة رئيس الوزراء آنذاك، سوميلو بوباي مايغا، الذي كان مسؤولا عن نزاعات عرقية قُتل فيها 160 شخصًا، في 23 مارس/آذار من ذلك العام.
بعد استقالة مايغا أصبح واضحا أن ديكو يمتلك تأثيرا لافتا على الساحة السياسية، لكن رغم ذلك لم يُعرّف نفسه أبدأ كسياسي، ويكرر في كل فرصة أنه لا علاقه له بالسياسة.
وقال ديكو خلال التجمع الأول لحركة تنسيق الجمعيات والحركات (CMAS): “جلّ همي هم أولئك الذين خانوا الشعب المالي. أنا أتحدث إليهم، فحربي معهم أولا”.
وتابع: “لست أنا الشخص الذي يحدد من تؤول إليهم مقاليد السلطة في البلاد ولا الرئيس. أنا فقط أريد السلام”.

** تشكيل منصة المعارضة
في 30 أبريل/ نيسان الماضي، غيرت المحكمة الدستورية حوالي ثلاثين نتيجة في الانتخابات البرلمانية، عشر منها لصالح حزب الرئيس، ما أشعل، مطلع مايو/ أيار الماضي، احتجاجات شعبية للمطالبة برحيل كيتا.
ونزل الإمام ديكو إلى الشوارع مطالبا باستقالة كيتا، الذي دعم انتخابه بشكلٍ واضح عام 2013.
واتحدت حركة تنسيق الجمعيات والحركات (CMAS) مع حركة 5 يونيو/ حزيران (Mouvement 5-M5) واتحاد القوى الوطنية (RFP)، واندمجوا جميعا تحت اسم “حركة 5 يونيو­ – تجمع القوى الوطنية في مالي” (M5 RFP).

واستمدت حركة 5 يونيو/ حزيران (Mouvement 5-M5) اسمها من احتجاجات جرت بعد صلاة الجمعة من ذلك اليوم، للمطالبة برحيل كيتا، الذي أعيد انتخابه في 2018 لخمس سنوات.
وهكذا، تحولت حركة M5 RFP إلى منصة معارضة مختلطة، حيث تلتقي مختلف المنظمات المدنية والجمعيات والأحزاب السياسية، وترتفع فيها أصوات من مختلف شرائح المجتمع.

** دعم من الطريقة التيجانية
تلقى الإمام ديكو دعما من “محمد فيليدو حماه الله” (بوي حيدرة)، شيخ الطريقة التيجانية الصوفية، المعروف باسم شريف نيورو، حيث ولد في مدينة نيورو على الحدود مع موريتانيا.
وظهر الشيخ “حماه الله”، الذي دعم كيتا في 2013 مثل الإمام ديكو، جنبًا إلى جنب مع ديكو في مظاهرات حركة M5 RFP.
وأدت دعوة حركة M5 RFP إلى التمرد والعصيان المدني إلى ارتفاع شأن الحركة لدى الشعب، وخاصة مع وجود اثنين من قادة الرأي لا يمكن إنكار تأثيرهما على المجتمع والسياسة.
ولاقت جهود الحركة استجابة واسعة امتدت من باماكو وحتى تمبكتو، واشتدت على إثر ذلك الاحتجاجات المطالبة باستقالة كيتا.

** “أنا إمام وسأظل إماما”
في اليوم الذي أعلنت فيه M5 RFP أنها ستكثف الاحتجاجات وتشدد من لهجتها، خرج الجيش من ثكناته للمرة الرابعة في تاريخ مالي.
واعتقل جنود متمردون كيتا، بعد أن رفض خلال أشهر مطالبات له بالاستقالة، واقتادوه إلى ثكنة عسكرية في مدينة كاتي خارج العاصمة، في 18 أغسطس/آب الجاري.
وأعلنت منصة المعارضة M5 RFP أنها لم تكن على دراية بالانقلاب، لكنها تدعمه، ونظمت تجمعا واسعا في باماكو، يوم 21 من الشهر الجاري، للاحتفال بسقوط كيتا.
وبينما شكر قادة منبر المعارضة شعب مالي، خلال هذه المظاهرة، أجاب الإمام ديكو على السؤال المثير للفضول، حيث دعا الشعب إلى الوحدة والابتعاد عن فكرة الانتقام، وقال: “أنا إمام وسأظل إمامًا، والآن أعود إلى مسجدي”.
ويطلق البعض على الإمام ديكو لقب “آية الله باماكو”، ويتردد أنه سيحكم بالشريعة الإسلامية في حال وصل إلى السلطة، وتشير تقديرات إلى أنه سيلعب دور الوسيط في البلاد من الآن فصاعدًا.
ومن غير المعروف ما إذا كان الإمام ديكو سيلعب دورًا خلال الفترة الانتقالية في مالي أم لا، حيث وعد المتمردون بإجراء انتخابات مبكرة.
(الأناضول)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى