الشيخ كمال خطيب يتحدث عن تأثيرات سجن الشيخ رائد صلاح
تحدث الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة “الحريات” المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا في الداخل الفلسطيني، عن تأثيرات القرار الإسرائيلي بسجن الشيخ رائد صلاح مدة 28 شهرا، الاثنين الماضي.
وفي حوار مع موقع “عربي21″، أكد خطيب أن سجن الشيخ رائد صلاح يتصل بقرار السلطات الإسرائيلية حظر الحركة الإسلامية عام 2015، وملاحقة قادتها وعناصرها الهادف إلى التضييق عليهم لإنهاء دورهم في الداخل الفلسطيني.
وأوضح خطيب أن الحركة الإسلامية كانت وسيلة للدفاع عن المقدسات الإسلامية ولخدمة المجتمع الفلسطيني في الداخل، وبعد الحظر بقيت رسالتها حاضرة لدى أطياف من الشعب يواصلون هذا الدور بالتطوع، دون أن يكون هنالك جسم تنظيمي أو قيادة توجههم.
وتاليا نص الحوار كاملا:
– برأيكم هل يتصل حكم الاحتلال بسجن الشيخ رائد صلاح، مع قراره بحظر الحركة الإسلامية؟
من ناحية تاريخية الحركة الإسلامية حُظرت يوم 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، والشيخ رائد اعتقل في ملفه الأخير يوم 15 آب/ أغسطس 2017، أي بعد عامين، هذا الاعتقال ليس بمعزل عن حظر الحركة الإسلامية، بمعنى هم حظروا الحركة الإسلامية وأغلقوا 35 من المؤسسات والجمعيات الخيرية والثقافية والصحية والإعلامية، فهم لم يتوقفوا عند قرار الحظر لكنهم استمروا بملاحقة كل من يتصل بها ويعمل في إطارها.
– كيف تقرأون قرار سجن الشيخ رائد صلاح، وهدف الاحتلال من وراء ذلك؟
نحن نرى أن قرار اعتقال الشيخ رائد وتلفيق التهم إليه يأتي كمحاولة لخنق أي صوت يحمل الفكر والدعوة والرسالة والمشروع الذي كانت تسير عليه الحركة الإسلامية، والأمر تعدى الشيخ رائد إلى آخرين من أبناء المشروع الإسلامي، ممن تتم ملاحقتهم بالاعتقال والمنع من السفر ومنع دخولهم المسجد الأقصى، إضافة لمنعهم من أي نشاط سياسي باسم الحركة الإسلامية التي تم حظرها.
اعتقال الشيخ رائد ليس بمعزل عن قرار حظر الحركة الإسلامية، خاصة أن الشيخ رئيس الحركة. أرادت المؤسسة الإسرائيلية أن تُطبق على أي إمكانية لاستمرار هذا المشروع عبر تغييب الشيخ رائد وتحييده عن المشهد الفلسطيني.
– كيف أثر اعتقال الشيخ رائد صلاح عقب حظر الحركة الإسلامية على الدور الذي كنتم تمارسونه بالدفاع عن المقدسات والحفاظ على الهوية الفلسطينية في الداخل؟
يجب أن نؤكد أن الحركة الإسلامية بالنسبة لنا لم تكن يوما من الأيام غاية، وإنما وسيلة لخدمة دعوتنا ومجتمعنا، فإذا تم منعنا من استخدام هذه الوسيلة بقرارهم الظالم بحظر الحركة، فليس معناه أننا سنعدم الوسائل والآليات التي فيها سنستمر في خدمة الرسالة السامية التي انطلقنا لأجلها.
وهذا الأمر صرّحنا به في وجه المؤسسة الإسرائيلية، قلنا لهم إذا ظننتم أنكم بحظر الحركة الإسلامية أننا سنخرج في إجازة ونتوقف عن الاستمرار في خدمة المشروع الإسلامي فأنتم واهمون، أنتم حرمتمونا من وسيلة لكن وسائل أخرى سنعتمدها لأداء دورنا والقيام بمشروعنا.
هذا ليس معناه أن غياب الشيخ رائد صلاح ليس له أثر. الشيخ رائد قائد ومسؤول وموجه وغياب أي مسؤول يكون له انعاكسات، لكن قناعات وأفكار ورؤية الشيخ رائد تشبه توجيهات وتعليمات خرجت من معلم إلى تلاميذ ومجتمع وشارع يؤمن بها.
– في ظل هذا التضييق الإسرائيلي.. كيف لكم مواصلة دوركم تجاه المقدسات والمجتمع الفلسطيني في الداخل؟
حظر الحركة الإسلامية من جهة، واعتقال الشيخ رائد من جهة أخرى، وإغلاق المؤسسات بالعموم خمسة منها كانت لخدمة القدس والمسجد الأقصى خصوصا، وتجريم ما يسمى الرباط واعتباره تنظيما إرهابيا، هل معناه أن أهلنا توقفوا عن شد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، طبعا لا، بالعكس هناك حالة شعبية تواصل هذا العمل ليست منضبطة بإيقاع تنظيمي أبدا.
أؤكد لك خدمة المسجد الأقصى بالنسبة لأبناء شعبنا باتت سلوكا يوميا لهم، في كل بلدة هناك مجموعة أفراد متطوعين يقومون تلقائيا على ترتيب حافلات شد الرحال إلى المسجد الأقصى، وهو ما ينطبق على كثير من النواحي الاجتماعية في الداخل الفلسطيني.
– كان للشيخ رائد صلاح دور بارز ومحوري في الدفاع عن المسجد الأقصى، كيف ترون مواصلة هذا الدور بالتحديد في ظل التغييب المتعمد للشيخ من الاحتلال؟
علينا أن نتذكر أن الشيخ رائد صلاح لم يدخل القدس والمسجد الأقصى منذ العام 2007، بعد أحداث باب المغاربة وهدم الطريق التاريخي، وقيامنا يومها بتظاهرة تم خلالها الاعتداء على المتظاهرين واعتقل الشيخ يومها، وبدأت تتوالى قرارات الإبعاد بداية عن الأقصى ثم عن القدس.
لكن مشاريع الرباط وشد الرحال والتواصل مع أهلنا المقدسيين ظلت حاضرة في كل وقت وما زالت مستمرة، لا أحد يستطيع أن يتجاهل صوت الشيخ رائد الذي انبعث في العام 1996 من تحت المسجد الأقصى المبارك من النفق الذي دخل إليه أول مرة، وكشف حينها عن أنفاق جدية من تحت المسجد الأقصى، وأدى ذلك فيما بعد إلى هبة النفق المشهورة، استشهد فيها ما لا يقل عن 70 شهيدا فلسطينيا.
– هناك حرب ظاهرة تشنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الهوية العربية والإسلامية في الداخل المحتل مستغلة بذلك حظر الحركة الإسلامية واعتقال الشيخ رائد صلاح، هل تشرحون لنا شيئا عن هذه الحرب؟
نعم؛ أبناء شعبنا في حرب مفتوحة أعلنتها عليهم المؤسسة الإسرائيلية، حرب على الهوية والديمغرافيا، منذ 70 سنة حاولت تشويه الهوية الفلسطينية عبر مشاريع الأسرلة والتهويد مستغلة مناهج التعليم والإعلام وزرع أذرع لها في داخل مجتمعنا، لكنها كانت دائما تصدم بما يفاجئها ويجعلها تعيد حساباتها من جديد، خاصة خلال الهبات والانتفاضات المناهضة للاحتلال خلال السنوات الماضية، ما جعلها الآن تلجأ إلى خيارات أخرى للعبث بهوية شعبنا.
ومما ذهبت إليه المؤسسة الإسرائيلية وبدأت تظهر جليا آثاره السلبية، هو إشاعة أجواء العنف والجريمة داخل مجتمعنا الفلسطيني، عبر سياسة غض الطرف عن إشاعة السلاح، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان اعترف بأن 70 بالمئة من السلاح الذي يستخدم في العنف مصدره من مخازن الجيش الإسرائيلي ويباع عمدا للشبكات الإجرامية.
منذ عام 2000 وإلى الآن وقع نحو 1550 جريمة قتل في الداخل الفلسطيني، والسلطات الإسرائيلية فرحت بذلك وهي ترى انشغالنا بهذه الجرائم.
– هل تتوقعون عودة الشيخ رائد صلاح لممارسة دوره الطبيعي في الحياة السياسية عقب انتهاء محكوميته؟
لا أظن ذلك، المؤسسة الإسرائيلية تشدد من لؤمها ومن تطرف مواقفها، وهي بلا شك ستغتنم فرصة الانبطاح العربي الرسمي.
الهرولة نحو التطبيع والكشف عن المستور في علاقات كانت تربط الاحتلال بهذه الأنظمة سيكون من آثاره التضييق على كل من يقف في وجه مشاريعه السوداء، لا أنتظر أن نهاية السبعة عشر شهرا ستنتهي بعودة الشيخ رائد إلى الحياة اليومية والاعتيادية، ربما خلال هذه المدة تحدث متغيرات كثيرة تزيد من حدة الظرف الصعب الذي يمر به شعبنا وتمر به المنطقة.
– في ضوء هذا التغييب المتعمد للشيخ رائد صلاح، هل من رسائل تودون توجيهها؟
رسالتنا للاحتلال هي الرسالة التي قالها الشيخ رائد على لسان محاميه، فهو يرفض الاستئناف على قرار المحكمة الإسرائيلية لأننا لا نثق بالقضاء الإسرائيلي فهو ذراع للمؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية.
الشيخ رائد رفض أن يقدم طلبا لتخفيف مدة المحكومية لأن هذا الطلب معناه الأسف والندم على ما قام به، وهو يرفض رفضا مطلقا التخفيف من هذه المدة، مع العلم أنه يوجد في القانون الإسرائيلي أن من يأسف ويندم على فعلته يمكن تخفيف ثلث المحكومية عنه بشرط أن يعتذر عنها. الشيخ رائد لم يقدم هذا الطلب أصلا، لأنه لم يفعل أي فعل يستوجب الاعتذار، بل مارس دورا مشرفا له ولأبناء شعبنا، لذلك هو لم يستعطف القضاء الإسرائيلي ليخفف هذه المحكومية.
نحن نقول للشارع الإسرائيلي إن استمرار عبثهم بالمسجد الأقصى هو لغير صالحهم، هم بذلك يجعلون قضية الأقصى تتجاوز أنها قضية فلسطينيي الداخل أو فلسطينيي القدس أو حتى الشعب الفلسطيني، هذه قضية تحولت لتصبح قضية 1.7 مليار مسلم، كلهم لهم حق في المسجد الأقصى، حب المسجد الأقصى يجري في دم هذه الشعوب، فإياكم واللهاث وراء سراب أنظمة التطبيع وما ترونه من ولاءات مزيفة لكم.
– بصدد الحديث عن صفقة القرن، وما ترمي إليه من تهجير جزء من فلسطينيي الداخل (سكان المثلث) وفرض ليهودية الدولة، هل توجد لديكم إجراءات معينة للحيلولة دون المضي قدما بهذا المخطط؟
القضية تخص كل أبناء الداخل الفلسطيني، صحيح أن منطقة المثلث المستهدفة ضمن نصوص صفقة القرن، ولكن أي إجراء يمكن أن تمارسه الحكومة الإسرائيلية سيكون تأثيره على كل فلسطينيي الداخل. تنفيذ أي شيء ولو قليل من هذه الخطة سيفتح شهية المؤسسة الإسرائيلية لخطوات أخرى يمكن أن تمارسها.
شعبنا هنا ليس فقط رفض الصفقة بالمجمل، بل قرار شعبنا التاريخي أنه لا نكبة بعد اليوم ولا تهجير ولا خيام، وقرار أهلنا في الداخل إما العيش كرماء أو الدفن فيها شهداء، لا خيار أمام شعبنا للاستجابة لأي ضغوطات، إسرائيلية كانت أم أمريكية.
ليس معنى ذلك أننا لا نريد أن نكون جزءا من شعبنا الفلسطيني، لكن من قال إن ارتباطنا بشعبنا الفلسطيني مرتهن بمنظومة سياسية أيا كانت؟ أبدا لا. علاقتنا بالأرض الفلسطينية الواحدة التي تجمعنا، علاقتنا متصلة بالماضي والحاضر والمستقبل، فكما أن أهل غزة والقدس والضفة مطلوب منهم أن يحافظوا على البقعة التي يسكنون بها، نحن أهل الداخل ما زلنا مؤتمنين على البقعة التي نسكن فيها، ويجب أن نظل محافظين عليها.